للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويرد على ذلك بأن ترك ذكر النفقة لا يعني عدم شرعيتها لاحتمال تقرير ذلك في موضع آخر كما هو في نفقة الوالد.

ولاحتمال معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم أن هذا الرجل لا أقارب له وبالتالي أخبره بحاله فقط دون الإشارة إلى بيان إنفاقه على أقاربه.

واستدلوا أيضا بأن الشرع أورد إيجاب نفقة الوالدين والمولودين، ومن سواهم لا يلحق بهم في الولادة وأحكامها فلم يلحق بهم في وجوب النفقة (١).

ويجاب عن ذلك بأن هذا القياس مع الفارق لأن النفقة صلة والإنسان مأمور بصلة أقاربه ومنع الموسر نفقته على أقاربه وهم محتاجون إليه فيه توريث للقطعية والشحناء في النفوس المنهي عنها فدل ذلك على أن شرعية النفقة لا تثبت بأحكام الولادة وإنما تثبت بالقرابة الموجبة للصلة وعدم القطعية.

والنفقة من المنفق كالإرث من المورث فيها غرم ونقل للمال من شخص لآخر فكذا النفقة فيها غنم للمنفق عليه كغنم الوارث للمال من مورثه فوجبت على القريب الوارث نفقة قريبه.

ولهذا استدل الحنفية والحنابلة بوجوب هذه النفقة بقوله تعالى {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} (٢) فكما هو يغنم هو يغرم أيضا وتلزمه بذلك نفقة أقاربه الذين يحق له إرثهم.

وأجاب المانع لهذه النفقة بأن المراد من هذه الآية نفي المضارة كما أوضح ذلك ابن عباس وهو أعلم بكتاب الله.

ويجاب عن ذلك بأن هذا معطوف على قوله تعالى


(١) انظر المرجع السابق ج١٧ ص١٧٢، ١٧٧.
(٢) سورة البقرة الآية ٢٣٣