للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصحيحة، ويوفروا لهم التربية الإسلامية المناسبة، وهذا شيء يكاد يكون عاما في المهجر، يقول صاحب (الناطقون بالضاد في أمريكا الجنوبية) نتيجة احتكاك أبناء المغتربين المسلمين بأبناء البلاد التي نزلوا إليها وانتسابهم لمدارسهم، سادت البرتغالية والأسبانية البيت العربي، وغدا الأبناء يجهلون لغة السلالة التي انحدروا منها، وتاريخ الأمة التي ينتمي إليها آباؤهم. وفي هذه الحالة نجد فارقا شاسعا بين المهاجر العربي، وغيره من المهاجرين الذين يفرضون على أبنائهم في سن معينة تكلم لغة السلالة التي ينتمون إليها، وبعد أن يلموا بلغتهم كتابة وقراءة وتكلما، في مدارس خاصة بتلك الجاليات، يأذن الآباء للأبناء بأن يتعلموا لغة البلاد التي نزلوها. على عكس حالة الطفل العربي الذي لا يفقه من لغة والديه سوى بضع كلمات عربية مشوبة برطانة أعجمية (١).

ويورد البدوي الملثم حادثة تدل على تمسك أخس شعوب الأرض بلغتهم وتخلينا عن لغتنا بما فيها من جمال وروعة، فيقول: " روى لي مغترب أنه عاش معه أسرة يهودية، وذات يوم عاد إلى المنزل ليجد رب البيت ينهال بالضرب على ابنه ويفرض عليه الوقوف في زاوية البيت رافع اليدين منتصبا على ساق واحد.

فسأله: ما باله يبكي؟

فأجاب اليهودي: كلب يستحق القصاص. إنه ولد عنيد متمرد، فكم نصحته ألا يكلم إخوانه إلا بالعبرية، لكنه يحدثهم بالبرتغالية، وخشية أن تفقد العبرية مكانتها الأولى في البيت، نال هذا الجزاء (٢).

فهل يأخذ المسلمون المغتربون العبرة من هذا، أم على قلوب أقفالها؟ إن الأبناء غير مسئولين بالفعل، إن المسؤولية كاملة تقع على كواهل الآباء الذين يتقاعسون في تهيئة الجو الإسلامي المناسب لتربية أبنائهم، ومما يبعث على السخرية أن بعض الآباء، سواء المتبرزل منهم أو المتأمرك، يحتقرون لغتهم العربية ويحدثون أبناءهم باللغة الأجنبية التي


(١). elkholy، p. ٨٩.
(٢) البدوي الملثم - الناطقون بالضاد في أمريكا الجنوبية، ١٩٥٦ ص٢٤٦