للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التنصير لمدة ستين سنة في البلاد العربية، لم يكشف عن يهوديته إلا عند احتضاره سنة ١٩٥٢ م، وذلك عندما طلب حاخاما يهوديا يلقنه الشهادة. واحتفظت الكنيسة بهذا السر لأسباب تعلمها، كما يقول التل (١).

والذي نراه أن هدف اليهود من ذلك هو استغلال المسيحية الغربية لحرب الإسلام بسلاح التنصير، وفي النهاية إضعاف الدين عند المسلمين كما أضعفوه عند الغربيين. ومن الشخصيات البارزة في هذا المجال إلى جانب زويمر: وليام جيفورد بالكراف، الذي قال: " متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب يمكننا حينئذ أن نرى العربي يتدرج في سبيل الحضارة التي لم يبعده عنها إلا محمد وكتابه " (٢).

وها هو بلفور اليهودي - وزير خارجية بريطانيا سنة ١٩١٧ م، وصاحب الوعد المعروف - وعد بلفور - يعلن عن أهمية مؤسسات التنصير في خدمة أهداف السياسة (٣).

لقد بدأ التنصير في البلاد الإسلامية بصفة خاصة والعالم بصفة عامة يدخل مرحلة جديدة بأساليب جديدة بعد أفول شمس الاستعمار العسكري، منطلقا من فكرة الشاعر في قوله:

ينال بالفكر ما تعيا الجيوش به ... كالموت مستعجلا يأتي على مهل

ومنطلقا من وصية القديس لويس التاسع، ملك فرنسة وقائد الحملة الصليبية الثامنة، الذي اندحرت جيوشه أمام عزيمة وإيمان قوات المسلمين


(١) التل، عبد الله: جذور البلاء، ط ٣، بيروت، المكتب الإسلامي، ١٤٠٥ هـ / ١٩٨٥ م ص ٢٨.
(٢) التبشير والاستعمار، مرجع سابق، ص ٥٥.
(٣) أفريقية والنصرانية، مرجع سبق ذكره، ص ٢٨٧.