وإن تجاوبت في مؤداها، فبين الناحيتين تلازم وكمال ارتباط.)
رابعا: علاقة المصلحة الراجحة في التشريع الإسلامي بالتكاليف، وكيف رجعت التكاليف إلى الأقسام الثلاثة، الضروريات، والحاجيات، والتحسينيات، وكيف كانت الأولى هي الأصل في الأحكام الشرعية، وكانت الحاجيات والتحسينيات خادمة لها. ولعل في ذلك أيضا ما يزيد طمأنينة الإنسان إلى حكم ربه التكليفي، كما يطمئن المؤمن بحكم إيمانه إلى حكم ربه الكوني وقضائه الحتمي الإلهي، وفي هذا أيضا درس لمن يعرضون عن تشريع الله، فينطلقون في شهواتهم حين يأخذ الشيطان بنواصيهم إلى حتوفهم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ولا بد من بيان أن تحقيق المصالح التي قصد إليها التشريع من التكليف تتنافى مع تعاطي هذه المخدرات، وإنها محاربة لله عز وجل في تشريعه، وإيثار للفكر الجائر الخاطئ على تشريعه، إذ كان المقصود هو نظرة التشريع الإسلامي إلى تلك الخبائث وحكمه فيها على مقتضى تلك المصالح.
خامسا: أدلة تحريم كل ما يزيل العقل وعلى رأسه تلك الخمر التي سماها الله سبحانه رجسا من عمل الشيطان؛ لأنها هي التي كانت تتعاطى والقرآن ينزل، فدخل في حكمها كل ما هو مثلها في القضاء على العقل، وفهم الأئمة ذلك فلم يترددوا في الحكم به، كما سيتبين ذلك في موضعه.
ويشمل هذا البحث أمرين ما يتعلق أولا بالخمر وحدها، ونظرة الشارع في أمرها، وما يتعلق بالمخدرات ثانيا، ووجه الربط بين الأمرين ببيان ما بينهما من المعنى الذي لا فكاك منه ولا محيص عنه في نقل الحكم، وللعلماء وجهات نظر في تحريم تلك