للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} (١) وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} (٢) وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (٣) فاسم الناس والعالمين يدخل فيها العرب وغير العرب من الفرس والروم والهند والبربر. فلو قال قائل: إن محمدا ما أرسل إلى الترك والهند والبربر؛ لأن الله لم يذكرهم في القرآن كان جاهلا، كما لو قال: إن الله لم يرسل إلى بني تميم وبني أسد وغطفان وغير ذلك من قبائل العرب؛ فإن الله لم يذكر هذه القبائل بأسمائها الخاصة، وكما لو قال: إن الله لم يرسله إلى أبي جهل وعتبة وشيبة وغيرهم من قريش؛ لأن الله لم يذكرهم بأسمائهم الخاصة في القرآن.

وكذلك لما قال: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} (٤). دخل في الميسر الذي لم تعرفه العرب ولم يعرفه النبي - صلى الله عليه وسلم- كاللعب بالشطرنج وغيره بالعوض؛ فإنه حرام بإجماع المسلمين، وهو الميسر الذي حرمه الله، ولم يكن على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، والنرد أيضا من الميسر الذي حرمه الله، وليس في القرآن ذكر النرد والشطرنج باسم خاص، بل لفظ الميسر يعمها وجمهور العلماء على أن النرد والشطرنج محرمان بعوض وغير عوض، وبعد أن ذكر نظائر أخرى من النصوص يعتمد على عمومها في الاستدلال بها على إثبات الحكم لكل ما اندرج تحته من الأفراد دون حاجة إلى تعينها قال:

ولو قدر بأن اللفظ لم يتناوله، وكان في معنى ما في القرآن والسنة ألحق به بطريق الاعتبار والقياس، كما دخل اليهود والنصارى والفرس في عموم الآية، ودخلت المسكرات في معنى خمر العنب، وأنه بعث محمدا -صلى الله عليه وسلم- بالكتاب


(١) سورة سبأ الآية ٢٨
(٢) سورة الفرقان الآية ١
(٣) سورة الأنبياء الآية ١٠٧
(٤) سورة المائدة الآية ٩٠