للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العثور عليه من كلام العلماء فظهر بعد البحث وسؤال من يعتد بقولهم من الثقات أن المتعين فيها المنع من تعاطي زراعتها وتوريدها واستعمالها؛ لما اشتملت عليه من المفاسد والمضار في العقول والأديان والأبدان، ولما فيها من إضاعة المال وافتنان الناس بها، ولما اشتملت عليه من الصد عن ذكر الله وعن الصلاة، فهو شر ووسيلة لهذه الشروط، والوسائل لها أحكام الغايات، وقد ثبت ضرها وتفتيرها وتخديرها بل وإذكارها ولا التفات لمن نفى ذلك ثم قال: إنها مقيسة على الحشيشة المحرمة لاجتماعهما في كثير من الصفات، ثم استدل على ما قال بالآتي:

١ - قول الله عز وجل: [سورة النحل، الآية ٨٩]: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (١) ثم قال: فنصوص الكتاب والسنة كفيلة ببيان ما يحتاجه الناس في أمور دينهم ودنياهم، ومن حكمة الله سبحانه أنه أحل الطيبات وكل ما فيه منفعة خالصة أو راجحة وحرم الخبائث، وكل ما فيه مفسدة خالصة أو راجحة، ثم أورد الآية الكريمة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} (٢) وقال: إن الله حرم الخمر والميسر مع ما فيهما من المصالح للناس، وذلك لما اشتملا عليه من الإثم الكبير الذي تربو مفسدته على ما فيهما من المنافع. ثم استدل بحديث أحمد وأبي داود «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - نهى عن كل مسكر ومفتر (٣)».

وقد قال العلماء أن المفتر ما يترك الفتور في البدن والخدر في الأطراف، وهذا القات لو فرضنا فيه بعض النفع فإن ما فيه من المضار والمفاسد المحققة يربو ويزيد على ما فيه من المنافع أضعافا مضاعفة، ولهذا حكم بتحريمه جملة من العلماء، واستدلوا بما ظهر لهم منه، ومن هؤلاء الشيخ ابن حجر الهيثمي، وقاسه على الحشيشة وجوزة الطيب، وعد استعمال ذلك من كبائر الذنوب.

ثم قال: إن ابن حجر ألف كتابا سماه (تحذير الثقات من استعمال الكفته والقات)، وذكر فيه أن ممن قالوا بتحريم القات الفقيه أبو بكر بن إبراهيم


(١) سورة النحل الآية ٨٩
(٢) سورة البقرة الآية ٢١٩
(٣) سنن أبو داود الأشربة (٣٦٨٦)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٠٩).