للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجب على آكلها التعزير والزجر دون الحد، ثم ذكر ابن تيمية السابق، وقريب من هذا ما جاء في كتاب فتح الجواد بشرح الإرشاد (١) لابن حجر الهيثمي تعليقا على حكم المؤلف صاحب الإرشاد بحد من شرب مسكرا قال الهيثمي:

خرج بالمسكر مزيل العقل من غير الأشربة كالبنج والحشيشة والأفيون وجوزة الطيب، فإنه وإن حرم لكن فيه التعزير فقط إذ ليس فيه شدة مطربة، فلا يدعو قليله إلى كثيره، وله تناوله حتى لا يحس بألم قطع عضو متآكل ونحوه). اهـ.

وعبارته في التحريم مطلقة ولكن قوله: إن قليله لا يدعو إلى كثيره غير مسلم، وفي هذه العبارة ما يفيد أنه يستعمل للتداوي، وهي محل بحث كذلك.

ومما يدخل في هذا المسلك ما نجده في شرح الشيخ زكريا على متن البهجة لابن الوردي (ج٥ ص٤٠٤) تعليقا على قول المصنف: إن الحد لما يسكر جنسا. قال الشيخ زكريا: خرج به ما يسكر من غير جنسه كالبنج والدواء المجنن والحشيشة فلا حد؛ لأنه لا يلذ ولا يطرب ولا يدعو قليله إلى كثيره بل يعزر، ثم قال: وإذا احتيج في قطع اليد المتآكلة إلى نحو البنج هل يجوز؟ أخرجه الرافعي على الخلاف في التداوي بالخمر وصحح النووي الجواز، ولعل قول النووي في هذا المقام أصح، وهو المعمول به اليوم في دائرة أمر الطبيب مع الضرورة بما يرفع الحرج، ومنهم من يتجه إلى تحريم كثير من هذه المخدرات إطلاقا بلا تخصيص لصنف دون صنف، ويذهب إلى أن القليل منها مكروه إذا لم يقصد المداومة، وإنه يباح للتداوي على خلاف في ذلك، وإليك ما في كتاب إغاثة الطالبين في حل ألفاظ فتح المعين في فقه الشافعية، قال صاحب فتح المعين الشيخ المليباري الفقيه الشافعي (ج٤ ص١٥٦): كل


(١) الإرشاد كتاب في الفقه الشافعي لشرف الدين إسماعيل بن أبي بكر الشهير المقرئ المدني المتوفى سنة ٨٧٣.