للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفقه الشافعي في القسم الثاني منه، وهو الكبائر الظاهرة مع التسلل في تعدادها مع الكبائر الباطنة أول الكتاب، وكان موضوع المخدرات بعنوان كتاب الأطعمة وترتيب هذه الكبيرة (السبعون بعد المائة) وسماها أكل المسكر الطاهر كالحشيشة والأفيون والشيكران ونحوه كما سبق الإشارة إلى ذلك في علاقة المخدر بالخمر، ومسلكه حديثي فقهي عام، فهو وإن كان من أئمة الشافعية ألا أنه تناول المذاهب الأربعة بما يدل على إجماع فقهائها على التحريم، وهي كتابة ينفعل فيها ويتأثر بمعارفه ويؤثر في قارئه ويتجه في أمرها إلى ما يشبه اتجاه ابن تيمية مع بعض اختلاف تبين لك من دراستها. وقد بدأ الحديث بأن الحشيشة والأفيون والشيكران - بفتح الشين المعجمة - وهو البنج والعنبر والزعفران وجوزة الطيب مسكره أو مخدره، فاستعمالها كبيرة وفسق كالخمر، فكل ما جاء في وعيد شاربها يأتي في مستعمل شيء من هذه المسكرات لاشتراكها في إزالة العقل المقصود للشارع بقائه؛ لأنه الآلة للفهم عند الله تعالى وعند رسوله والمتميز به الإنسان عن الحيوان والوسيلة إلى إيثار الكمالات على النقائص، فكان في تعاطي ما يزيله وعيد الخمر الآتي في بابها، ولكنه لم يوفق كل التوفيق في إيراد الزعفران بينها؛ لأن الزعفران لا يخدر، ثم قال:

إن الأصل في تحريم كل ذلك ما رواه أحمد في مسنده وأبي داود في سننه «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن كل مسكر ومفتر (١)» وهذه المذكورات كلها تسكر وتخدر وتفتر وحكى العراقي (٢). وابن تيمية الإجماع على تحريم الحشيشة (٣). وقال من استحلها فقد كفر، قال: وإنما لم يتكلم فيها الأئمة؛ لأنها لم تكن في زمنهم، وذكر الماوردي قولا أن النبات الذي فيه شدة مطربة يجب فيه الحد (٤) ثم قال (٥) ابن حجر: إن


(١) سنن أبو داود الأشربة (٣٦٨٦)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٠٩).
(٢) في المطبوعة القرافي وهو غير صحيح لخلافه للواقع، ولأن المذكور في شرح السلك أنه العراقي.
(٣) الذي رأيناه في الفتاوى أن المسكر منها حرام باتفاق العلماء كما قدمنا من ج ٣٤ ص ٢٠٤.
(٤) وهذا الذي جرى عليه الشيخ ابن تيمية كما رأيت.
(٥) الزواجر ج١ ص١٨٠.