إن الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقدات مما يلتبس على كثير من الفقهاء. ثم ذكر الفرق بينهما كالذي أوردناه، وهو منقول عنه: ولا فرق بين كل من المراقدات والمفسدات وبين المسكرات إلا في الحكم، ثم قال في (ص ٢١٨ ج ١): تنبيه: تنفرد المسكرات عن المرقدات والمفسدات بثلاثة أحكام؛ الحد والتنجيس وتحريم اليسير.
والمرقدات والمفسدات لا حد فيها ولا نجاسة، وقد تناول موضع الحشيشة وحدها فيما قبل هذا الفرق، وهو الفرق التاسع والثلاثون فقال إلحاقا له:(فرع) النبات المعروف بالحشيشة التي يتعاطاها أهل الفسوق، اتفق فقهاء أهل العصر على المنع منها أعني كثيرها المغيب للعقل، واختلفوا بعد ذلك هل الواجب فيها التعزير أو الحد على أنها مسكرة أو مفسدة للعقل من غير سكر ونصوص المتحدثين عن النبات تقتضي أنها مسكرة؛ فإنهم يصفونها بذلك في كتبهم، قال القرافي: والذي يظهر لي أنها مفسدة، ثم أورد فتوى بأن من صلى بها قبل أن تحمص أو تصلق صحت صلاته، وإلا بطلت) أهـ.
ولكنه يقول: إنه سأل من يتعاطونها فمنهم من قال: إنها لا تؤثر إلا بعد القلي. وعلى ذلك تصح الفتوى. ومنهم من قال: إنها تؤثر مطلقا وإنما تحمص لإصلاح طعمها. وعلى هذا تبطل الصلاة مطلقا، وقد عرفت أنه انتهى إلى أن القليل منها لا يحرم، وأنها غير نجسة، وهو نظير ما صرح به جمهور الشافعية في كتبهم، والحق عندنا أنها مسكرة موجبة للحد كما تقدم نقله عن ابن تيمية وغيره.