وتقدم لنا إيراده، ثم قال صاحب الدر: وفي النهر التحقيق ما في العناية أن البنج مباح؛ لأنه حشيش، أما المسكر منه فحرام وقد علمت أن هذا رأي دارج في المذاهب غير أنه في التحقيق ضعيف لا يستند إلى دليل وهو يدفع بأن ما أسكر كثيره فقليله حرام، وأن ذلك مقتضى سد الذرائع ودفع الفساد؛ لأن القليل يفضي إلى الكثير طبعا ولهذا نقل ابن عابدين في هذا الموضع عن التهتاني عن متن البزدوي أنه يحد من سكر من البنج في زماننا على المفتي به ومعنى ذلك أن الفساد اقتضى سد الباب، والفتوى للتحريم وإيقاع الحد على من سكر من المخدر كما يعامل شارب الخمر، فكيف إذا رأوا ما نحن فيه بين المستهترين؟ ثم قال ابن عابدين في المنح عن الجوهرة: لو سكر من البنج وطلق تطلق امرأته زجرا وعليه الفتوى، ثم أحال ابن عابدين على ما ذكره في أول كتاب الطلاق من حاشيته على التنوير من أن العلامة قاسما صحح القول بأن من سكر من البنج والأفيون ثم طلق امرأته تطلق زجرا له، ونقل في الطلاق عن النهر عن البدائع أن الطلاق لا يقع؛ لأنه ليس معصية، ويبدو أن صاحب البدائع قال ذلك قبل ظهور الفساد باستعمال هذه الأشياء، وقال صاحب النهر إن الحق التفصيل بين إذا كان للتداوي أو غيره، فإن كان استعمال الأفيون ونحوه للهو وإدخال الآنفه فينبغي أن لا يتردد في وقوع الطلاق.
والذي ورد في كتاب الطلاق في الدر (٣/ ٢٣٠) أنه يقع طلاق السكران، ولو كان من الأفيون أو الحشيش زجرا للمطلق، ثم نقل عن الفتح اتفاق مشائخ الحنفية والشافعية على وقوع طلاق من غاب بالحشيش لفتواهم بحرمته بعد أن اختلفوا فيها، وكان اختلافهم لأن المتقدمين لم يتكلموا فيها بشيء لعدم ظهور أمرها فيهم، فلما ظهر أمرها بالفساد وفشا عاد مشائخ المذهبين إلى حرمتها، وأفتوا بوقوع طلاق من زال عقله بها، ونقل ابن عابدين في هذا الموضع عن تصحيح القدوري عن الجواهر: وفي هذا الزمان إذا سكر من البنج أو الأفيون يقع طلاقه زجرا وعليه الفتوى، وهذه النقول تصور