مباح بدليل قوله، وقد كرهه شيخنا العمادي إلحاقا له بالثوم والبصل. اهـ.
ونلاحظ أن الاستدلال ضعيف؛ لأن كون الأصل في الأشياء الإباحة الذي استدل به ابن نجيم إنما يصح إذا لم نجد دليلا غيرها، وقد وجد الدليل الذي استدل به الشيخ الغزي وغيره، وهو حديث أحمد وأبي داود «نهى - صلى الله عليه وسلم- عن كل مسكر ومفتر (١)»، ولا خلاف في أن الدخان مفتر كما يعلم بالمشاهدة إن لم نقل إنه مسكر كما ذهب إليه بعض المعاصرين، وأما استدلال أبي السعود بقول صاحب الدر وكرهه شيخنا إلحاقا له بالثوم والبصل فإنه ضعيف؛ لأن الملحق بالمكروه ليس مباحا، وإنما يكون مكروها مثله، والله سبحانه طيب لا يقبل إلا طيبا، ومع ذلك فقياسه على الثوم والبصل قياس مع الفارق المؤثر؛ لأنه مضر بالبدن ورائحته كريهة، والثوم والبصل لا يضران بالبدن وإنما كرها لرائحتهما فقط، فاكتفى فيهما بالأمر بالعزلة عن المساجد ونحوها.
(٢) مذهب المالكية: يقول مفتي المالكية في عصره الشيخ محمد بن علي بن حسين في كتابه (تهذيب الفروق) المطبوع بهامش الفروق: أول ما ظهرت العشبة المعروفة بالتنباك والتتن والدخان ودخان طابه في أوائل القرن الحادي عشر كما في ابن حمدون، ثم نقل عن حاشية ابن حمدون على مختصر ميارة على ابن عاشر: إن استعمال القدر المؤثر في العقل منه حرام اتفاقا كما في شرح الإرشاد وغيره، وأما القدر غير المؤثر فأطبق المغاربة وأكثر المشارقة كالشيخ سالم السنهوري وتلميذه الشيخ اللقاني وغيرهما على تحريمه، وألف في ذلك الشيخ محمد بن عبد الكريم تأليفا في عدة كراريس مشتملا على أجوبة وسماه (محدود السنان في نحور إخوان الدخان)، ثم قال وفي العمليات القاسية: -
وحرموا طابا للاستعمال وللتجارة على المنوال
(١) سنن أبو داود الأشربة (٣٦٨٦)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٠٩).