للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلة التحريم أنها تورث خدرا فتشارك أولية الخمر في نشوته، قال الشيخ القادري في أجوبته: وكفى حديث أم سلمة حجة على حرمته. وقيل: إنها تسكر في ابتداء تعاطيها إسكارا سريعا، ثم لا يزال ينقص حتى لا يحس شاربه لكنه يحدث نشوة أحسن من السكر (كذا)، وعلى هذا فهي نجسة ويحرم منها القليل كالكثير خشية الوقوع في التأثير أو أنه لا سكر ولا تفتير إلا إنها سرف وضرر ونجاسة؛ لكونها مثل الخمر، وأفتى جمع بالإباحة منهم الشيخ عبد الغني النابلسي وحجته أنه مما سكت عنه المولى في كتابه فهو عفو. اهـ.

وذكر حديث الترمذي وفيه: «وما سكت عنه من غير نسيان رحمة بكم فهو مما عفي عنه (١)»، وهذا واضح الضعف كما ترى؛ فإن كثيرا مما سكت عنه بعينه ظهر بعد عصر النبوة بل بعد قرون طويلة، وعرف حكمه من قواعد الشرع العامة، والاستدلال بذلك كاستدلال ابن نجيم بالأصل في الأشياء وكأنه مأخوذ منه.

ثم قال مفتي المالكية: وقد ألف الشيخ الأجهوري تأليفا أسماه (البيان بحل ما لا يغيب العقل من الدخان) ما حاصله أن الفتور الذي يحصل لمبتدى شربه ليس من تغيب العقل، فليس من المسكر مطلقا؛ لأن السكر مع نشوة وطرب حينئذ فيجوز استعمالها لمن لا تغيب عقله، وهذا يختلف باختلاف الأمزجة والقلة والكثرة.

ثم قال ابن حمدون تعقيبا: وهذا الكلام مبني على أن المفتر يحرم، والتحقيق أنه حرام كما دل عليه حديث أم سلمة. انتهى كلام ابن حمدون باختصار. وحاصله أنه اختلف في كون هذه العشبة من المسكرات مطلقا فيكون نجسا موجبا للحد مع حرمة قليله وكثيره، أو هو من المفترات كالحشيشة بحيث يشارك أولية الخمر في نشوته فيحرم استعمال القدر المؤثر في العقل، وفي حرمة استعمال ما لا يؤثر في العقل خشية الوقوع في التأثير للغالب وقوعه بأدنى شيء منها قال بعضهم بذلك، وإن حفظ العقول من


(١) سنن الترمذي اللباس (١٧٢٦)، سنن ابن ماجه الأطعمة (٣٣٦٧).