الكليات الخمس المجمع عليها عند أهل الملل، وقال: بعضهم بإباحة القليل؛ لأن العلة تدور مع المعلول وقيل: إنه ليس من المخدرات ولا من المسكرات مطلقا. واختار ابن حمدون من هذه الأقوال أنه من المفترات مطلقا، وأنه يحرم استعمال قليلها وكثيرها لحديث أم سلمة، ثم اختار مفتي المالكية ما في حاشية المجموع للأمير من أن هذه العشبة في ذاتها مباحة يعرض لها حكم ما يترتب عليها وكثرتها لهو.
ثم نقل عن اللكنوي أن هناك اختلافين أحدهما في الحرمة والإباحة، والثاني في الكراهة وعدمها، ثم قال اللكنوي: إن الحق في جانب الذاهبين إلى الكراهة؛ لوجود الشبه بأهل النار والأشرار، ولأنه يحدث الرائحة الكريهة، ونقل ذلك عن اللقاني صاحب الجوهرة وقال: إنه لا يقاس على القهوة كما ذهب إليه بعضهم لشبهة أهل الغواية، ثم نقل عن اللكنوي أنه وجد في تنقيح الفتاوى الحامدية لابن عابدين ما نصه:
(مسألة): أفتى أئمة أعلام بتحريم شرب الدخان المشهور. وذكر كلاما طويلا يتعلق بالأصول انتهى منه إلى أنه إن ثبت في هذا الدخان أضرار وصرف عن المنافع فيجوز الإفتاء بتحريمه، وإلا فالأصل الحل مع أن الإفتاء به دفع لحرج عن المسلمين. إلى أن قال: فإثبات حرمته أمر عسير لا يكاد يوجد له نظير، نعم لو أضر ببعض الطبائع فهو عليه حرام أو نفع ببعض وقصد للتداوي فهو مرغوب، ثم نقل مفتي المالكية في تهذيب الفروق نقلا عن اللكنوي: ولا يبعد أن يقال: يمنع من يعتاد كثرة شرب الدخان كما يمنع آكل البصل والثوم من دخول المسجد؛ لوجود الرائحة الكريهة التي تتأذى بها الملائكة، ثم قال في شأن من يمنع شرب الدخان: إن من شروط إنكار المنكر أن يكون مجمعا على تحريمه، ولا يخلو من سفسطة؛ لأن ذلك يغلق باب التوجيه أو النصيحة، ولا سيما إذا كان الحق واضحا في جانب أحد المختلفين.