للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأجبته بما فتحه الله عز وجل علي ويسره، وقضى لي به النطق في الحال وقدره، وسألخص إن شاء الله في هذه المسألة الكلام، وأشرحها شرحا يؤمن معه وقوع الإيهام، ليكون حجة على من رام دفع الحق وظهور الباطل بعدوانه، ونزول شبهه إن اعترضت في قلب من لم يكن علم الحديث من شأنه (١)، وأعوذ بالله من الرياء والإعجاب، وأسأله التوفيق لإدراك الحق والصواب.

...

قال أنبأنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي ثنا أبو العباس محمد بن أحمد الأثرم ثنا حميد بن الربيع، ثنا يونس بن بكير أخبرني محمد بن إسحاق حدثني إبراهيم بن أبي عبلة عن أبيه عن عوف بن مالك - رحمه الله تعالى - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أمام الدجال سنين خوادع، فسئل: ما الرويبضة؟ قال: من لا حسب له، ولا يؤبه له (٣)».


(١) أي ليس له معرفة بعلوم الحديث.
(٢) الحديث أخرجه أحمد وابن ماجه والطبراني. مع اختلاف. فقد أخرجه أحمد في المسند بسندين عن أبي هريرة: أحدهما ٢: ٢٩١، عن أبي هريرة بلفظ: إنها ستأتي على الناس سنون خوادع يصدق فيها الكاذب. . . قيل: وما الرويبضة؟ قال: السفيه يتكلم في أمر العامة. والثاني بلفظ: (قبل الساعة سنون خداعة. . .) الحديث من غير تفسير الرويبضة (٢: ٣٣٨) وأخرجه بسند آخر عن أنس بن مالك (٣: ٢٢٠) بلفظ حديث عوف إلا قوله: وما الرويبضة؟ قال: الغويسق يتكلم في أمر العامة. وهو - أي حديث أنس - من رواية محمد بن إسحاق وقد رواه عن محمد بن المنكدر بالعنعنة. وأخرجه ابن ماجه بسند أحمد الأول من طريق إسحاق بن أبي الفرات عن المقبري عن أبي هريرة بلفظ أحمد من رواية ابن إسحاق مع اختلاف يسير قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه في أمر العامة. (كتاب الفتن باب شدة الزمان ٢: ١٣٣٩). والمقبري يرويه عند ابن ماجه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - من غير ذكر واسطة بينهما. بينما يرويه عند أحمد: عن أبيه عن أبي هريرة، فهو ليس منقطعا عند ابن ماجه لأن المقبري يروي عن أبي هريرة مباشرة. لذا يحتمل أن يكون قد سمعه من أبي هريرة مباشرة ومن أبيه عن أبي هريرة، فرواه مرة عن أبي هريرة من غير ذكر الواسطة لأنه سمعه منه كما عند ابن ماجه، ومرة عن أبيه عن أبي هريرة. كما هو عند أحمد. (فتنبه). وأما إسحاق بن أبي الفرات فقد قال الحافظ في التهذيب ١: ٢٤٧ روي عن سعيد المقبري وعنه عبد الملك بن قدامة الجمحي، روى له ابن ماجه في الزهد حديثا واحدا عن المقبري عن أبي هريرة: (سيأتي على الناس سنوات خداعات) اهـ. قلت: ليس هو في الزهد، وإنما هو في الفتن. وإسحاق بن أبي الفرات قال الحافظ عنه: مجهول. وعبد الملك بن قدامة الجمحي مدني وثقه ابن معين والعجلي وابن عبد البر، وضعفه غيرهم من جهة حفظه (انظر التهذيب ٦: ٤١٤). ورواه الطبراني بأسانيد من طريق عوف بن مالك: بلفظ الخطيب إلا في قوله وما الرويبضة؟ قال: من لا يؤبه به. قال الهيثمي في مجمع الزوائد: (رواه الطبراني بأسانيد وفي أحسنها ابن إسحاق وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات) (٧: ٣٣٠) قلت: (إن ابن إسحاق قد صرح بالسماع في رواية الخطيب بقوله: حدثني إبراهيم بن أبي عبلة). فزال التخوف من تدليسه. وأما جملة (من لا حسب له) فلم أرها إلا عند الخطيب.
(٣) (٢)، يكثر فيها المطر، ويقل فيها النبت، ويؤمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، ويكذب فيها الصادق، ويصدق فيها الكاذب، ويتكلم فيها الرويبضة