للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجاهلية كانوا يقصدون حصر ربا الجاهلية في هذه الصورة، يقول ابن القيم في إعلام الموقعين: ربا النسيئة هو الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية ومثل بصورة " إما أن تقضي أو تربي "، وأفسد من فهم أن ربا الجاهلية قاصر على صورة " إما أن تقضي أو تربي " نسبة ذلك إلى ابن عباس رضي الله عنه، وأنه لم يكن يرى ربا في غير هذه الصورة، في حين أن هذا غير صحيح إنه إنما نقل عنه فقط الخلاف في ربا الفضل، وها أنا أنقل من كتاب السنهوري نفسه: " قال ابن رشد: أجمع العلماء على أن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة لا يجوز إلا مثلا بمثل يدا بيد إلا ما روي عن ابن عباس ومن تبعه من المكيين أنهم أجازوا بيعه متفاضلا ومنعوه نسيئة فقط، وإنما صار ابن عباس إلى ذلك؛ لما رواه عن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا ربا إلا في النسيئة (١)» فأخذ ابن عباس بظاهر الحديث فلم يجعل الربا إلا في النسيئة.

بل إن بحث الدكتور إبراهيم الناصر نفسه وردت فيه هذه العبارات (ص ٨): وقال الشافعي رحمه الله في كتاب اختلاف الحديث: " كان ابن عباس لا يرى في دينار بدينارين ولا في درهم بدرهمين يدا بيد بأسا، ويراه في النسيئة وكذلك عامة أصحابه.


(١) صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٦)، سنن النسائي البيوع (٤٥٨٠)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٥٧)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٢٠٩)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٨٠).