للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتقارب في الحروف يكون بين حرفين تقاربا مخرجا وصفة كالذال والسين أو تقاربا صفة لا مخرجا كالذال والجيم (١).

ويلاحظ أن الفاصلة القرآنية تأتي مكملة للمعنى الذي قبلها ومناسبة له بحيث لو تغيرت اختل المعنى. . . يدرك هذا كل من عنده ذوق أدبي.

حكى الأصمعي قال: كنت أقرأ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} (٢) والله غفور رحيم " وبجنبي أعرابي فقال: كلام من هذا؟ فقلت: كلام الله. قال أعد فأعدت. فقال ليس هذا كلام الله. فانتبهت فقرأت {وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (٣) فقال: أصبت هذا كلام الله. فقلت أتقرأ القرآن. قال: لا. فقلت: من أين علمت؟ فقال: يا هذا عز فحكم فقطع، ولو غفر فرحم لما قطع ".

وقد يسأل سائل ما الحكمة في أن بعض الفواصل غريبة اللفظ مثل كلمة "ضيزى" في قوله تعالى: {تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} (٤)، فكلمة ضيزى بمعنى جائرة أو ظالمة، فلماذا عدل عن الكلمات المألوفة إلى الكلمة غير المألوفة.

والجواب على هذا السؤال من وجهين:

الأول: من جهة حسن النظم والتناسق فإن سورة النجم تنتهي فواصلها بالألف المقصورة فناسب أن تكون الفاصلة كلمة ضيزى لا كلمة جائرة أو ظالمة.

الثاني: إن نسبة البنات إلى الله ونسبة الأولاد إليهم أمر في أشد الغرابة فناسب أن يعبر عنه بلفظ غريب تنبيها على غرابة القسمة (٥).


(١) محمد معبد، الملخص المفيد في علم التجويد ص ١٠٣.
(٢) سورة المائدة الآية ٣٨
(٣) سورة المائدة الآية ٣٨
(٤) سورة النجم الآية ٢٢
(٥) أحمد بدوي، من بلاغة القرآن (القاهرة، مكتبة نهضة مصر، ط ٣) ص ٨٧.