للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرضه أو جنونه بسبب زيارته لذلك الصالح. فما رأي الإسلام في ذلك أفيدونا يرحمكم الله؟

الجواب: أولا: لا يجوز شد الرحال لزيارة القبور لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى (١)».

ثانيا: تشرع زيارة القبور للرجال دون النساء إذا كانت في البلد أي بدون شد رحل للعبرة والدعاء لهم إذا كانوا مسلمين؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة (٢)» واقتداء به صلوات الله وسلامه عليه في زيارته لأهل البقيع والشهداء بأحد والسلام عليهم والدعاء لهم.

ثالثا: دعاء الأموات أو الاستعانة بهم أو طلب المدد منهم أو الذبح لهم والاعتقاد فيهم أنهم يملكون جلب نفع أو دفع ضر أو شفاء مريض أو رد غائب، كل ذلك وأشباهه شرك أكبر يخرج من ملة الإسلام.

رابعا: الذبح لله عند القبور تبركا بأهلها وتحري الدعاء عندها وإطالة المكث عندها رجاء بركة أهلها والتوسل بجاههم أو حقهم ونحو ذلك بدع محدثة بل ووسائل الشرك الأكبر فيحرم فعلها، ويجب نصح من يعمله.

خامسا: أما الذبيحة عند القبور تحريا لبركات أهلها فهو منكر وبدعة، لا يجوز أكلها حسما للشرك ووسائله وسدا لذرائعه.

سادسا: أما ما قد يحصل لبعض المرضى الذي يتصلون أو يجيئون إلى القبور فلا حجة فيه لجواز هذا العمل؛ لأن البرء قد يصادف ذلك الوقت بتقدير الله عز وجل فيظن الجاهلون أنه بسبب الرجل الصالح الذي في القبر، ولأن عباد الأصنام والجن قد تقضى بعض حوائجهم من جهة الشيطان، ولم يكن ذلك دليلا على جواز فعلهم بل فعلهم شرك بالله وإن قضيت حوائجهم؛ لأن


(١) صحيح البخاري الجمعة (١١٨٩)، صحيح مسلم الحج (١٣٩٧)، سنن النسائي المساجد (٧٠٠)، سنن أبو داود المناسك (٢٠٣٣)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٤٠٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٣٤)، سنن الدارمي الصلاة (١٤٢١).
(٢) صحيح مسلم الأضاحي (١٩٧٧)، سنن النسائي الجنائز (٢٠٣٣)، سنن أبو داود الأشربة (٣٦٩٨)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٥٠).