للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن آدم عنصر فطره الله على فطرة الحق فقد ندم ندما عظيما، واستشعر مع زوجه ثقل المعصية:

{قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (١) {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (٢).

فعصم الله آدم وزوجه من الانقياد لوساوس الشيطان، فيئس إبليس من معاودة الكرة عليهما للغواية والإضلال؛ فاتجه إلى ذرية آدم يبدئ ويعيد، غواية وإضلالا، حتى استطاع أن يوجد بين ولدي آدم هابيل وقابيل ما باعد بينهما، فأضمر أحدهما للآخر ما يضمره العدو لعدوه، حتى وصلت عداوتهما إلى أن قتل أحدهما الآخر عمدا وعدوانا وبغيا وانقيادا لوساوس الشيطان ومكايده، قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (٣) {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} (٤) {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} (٥) {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (٦).

ثم إن الله سبحانه وتعالى تابع على بني آدم نعمه، بإرساله رسله إليهم مبشرين ومنذرين ومحذرين من عداوة الشيطان لهم، فكان أول رسول من الله لعباده نوحا - عليه السلام، فكان من قومه معه العناد والاستكبار حتى يئس من هدايتهم؛ فأغرقهم الله، إلا من هداه الله فاتبع رسوله فأنجاهم الله من الهلاك، ثم إنه كان من هؤلاء رجال امتازوا على غيرهم بالصلاح والاستقامة وقوة الإيمان، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى


(١) سورة الأعراف الآية ٢٣
(٢) سورة البقرة الآية ٣٧
(٣) سورة المائدة الآية ٢٧
(٤) سورة المائدة الآية ٢٨
(٥) سورة المائدة الآية ٢٩
(٦) سورة المائدة الآية ٣٠