للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن هذا النص السابق ندرك بوضوح أن فكرة المشابهة بين صفات الله، وصفات المخلوقين فكرة مستبعدة تماما لدى أي إنسان مميز عاقل، فضلا عن أن يكون من المفكرين، أو الباحثين، ولذلك فإن " ابن الوزير اليمني " هنا يشير إلى أن النصوص قد تضافرت على وصف الله سبحانه بعديد من الصفات، وعلى تسميته بعديد من الأسماء. ومثال ذلك، أنه سبحانه قد وصف نفسه " بالرحمة " وتسمى " بالرحمن الرحيم " في عديد من الآيات القرآنية، وفي العديد من الأحاديث النبوية الصحيحة. أو كما يقول " ابن الوزير ":

" وعظم الله هذا الاسم الشريف، وبالغ في تعظيمه، حيث قال: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (١).

وقال حاكيا عن خيار عباده:

{قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا} (٢).

وجاءت الصوادع القرآنية مادحة الله تعالى بأعظم صيغ المبالغات في هذه الصفة الشريفة، الحميدة، بأن الله عز وجل، " أرحم الراحمين " و" خير الراحمين " وكرر هذه المبالغة في مواضع من كتابه الكريم ".

ثم يقول: " وكرر الله التمدح بالرحمة مرارا جمة أكثر من خمسمائة مرة من كتابه الكريم، منها باسمه " الرحمن " أكثر من مائة وستين مرة. وباسمه" الرحيم" أكثر من مائتي مرة. وجمعها للتأكيد مائة وست عشرة مرة، وأكد " الرحيم " فجمعه مرارا مع " التواب "، ومرارا مع " الرؤوف ". والرأفة أشد الرحمة، ومرارا مع " الغفور " وهي أكثر وأخبر أنه كتب على نفسه الرحمة مرتين. وأنه " لا عاصم من أمره إلا من رحم " وأن من لم يرحمه يكن من الخاسرين ". إلى غير ذلك من صيغ المبالغات القاضية بأن


(١) سورة الإسراء الآية ١١٠
(٢) سورة الملك الآية ٢٩