ستقع فيها؛ لأن ما نحن فيه الآن، وما نسميه بأسمائه من أرض وسماء، وما بينهما، وما فيهما سوف تتغير طبيعته، وتتلاشى قوانينه وأنماط تكوينه. وبعبارة أخرى، فهل ما نحتكم إليه اليوم من قوانين الطاقة والحركة والثبات، وما يرتبط بها من مجالات التطبيق في حياتنا، وتسيير أمور معاشنا، وتدبير شؤون حاجاتنا، من القيم والمبادئ، والمعايير وغيرها، هل هذا سيظل ثابتا على ما كان عليه دون تبدل، ومن ثم فإنه يكون ممكنا أن نحكم على أحداث الآخرة بما يحدث في حياتنا الدنيوية رفضا أو قبولا، أو تفسيرا وتأويلا.
لا مفر إذن من التسليم بكل ما أخبر به الله سبحانه عن نفسه، وبما أخبر به الرسل إخبارا صحيحا موثقا عن الله سبحانه، ولا بد من التصديق به، والإيمان به، دون أن نركب شططا في التفسير أو في التأويل الذي لا يقدر أعظم العباقرة في الدنيا على مثله، كما سبق أن أشرنا إليه، وضربنا له من أمثلة.
ولقد كان الشيخ " محمد عبده " مصيبا كبد الحقيقة حين قال في معرض الحديث عن صفات الله، وأسمائه:
(فالذي يوجبه الإيمان، هو أن نعلم أنه موجود لا يشبه الكائنات، أزلي أبدي، حي، عالم، مريد، قادر، متفرد في وجوب وجوده، وفي كمال صفاته، وفي صنع خلقه، وأنه متكلم، سميع، بصير، وما يتبع ذلك من الصفات التي جاء الشرع بإطلاق أسمائها عليه، أما كون الصفات زائدة على الذات، وكون الكلام صفة غير ما اشتمل عليه العلم من معاني الكتب السماوية، وكون السمع والبصر غير العلم بالمسموعات والمبصرات، ونحو ذلك من الشؤون التي اختلف عليها النظار، وتفرقت فيها المذاهب، فمما لا يجوز الخوض فيه؛ إذ لا يمكن لعقول البشر أن تصل إليه. والاستدلال على شيء منه بالألفاظ الواردة، ضعف في العقل، وتغرير بالشرع؛ لأن استعمال اللغة لا ينحصر