للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- وفي صحيح مسلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للسيدة جويرية رضي الله عنها: «قد قلت بعدك أربع كلمات، ولو وزنت بهن لوزنتهن، سبحان الله العظيم وبحمده، عدد خلقه، ومداد كلماته، ورضا نفسه، وزنة عرشه (١)».

وقد علق ابن خزيمة على هذه النصوص وأمثالها، فأشار إلى أن هذا الإثبات الإلهي الذي جاء في القرآن، والبيان النبوي الذي جاء على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، يقطع في يقين بإثبات هذه الصفات لله تعالى، كما ذكر أن محاولة تأويلها لا تتفق، لا مع السياق، ولا مع العقل، كما بين أن هؤلاء الذين يتأولون " النفس " كما جاءت هنا، بأن إضافة النفس إليه سبحانه، مثل إضافة الخلق إليه، وذلك لأن " النفس " غير الله، كما أن خلقه غيره، بين أن هذا المنهج بعيد عن العقل؛ لأن الله (قد أعلم في محكم تنزيله، أنه كتب على نفسه الرحمة، أفيتوهم مسلم - كما يقول ابن خزيمة - أن الله كتب على غيره الرحمة؟! وحذر العباد نفسه؟! أفيحل لمسلم أن يقول: إن الله حذر العباد غيره، أو يتأول قوله لكليمه " موسى ":

{وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} (٢) طه: ٤١. فيقول: معناه: واصطنعتك لغيري من المخلوق؟! أو يقول: أراد روح الله - وهو عيسي ابن مريم - بقوله: {وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} (٣)

أراد ولا أعلم ما في غيرك؟! هذا ما لا يتوهمه مسلم) ومعنى هذا: أن " ابن خزيمة " ومعه علماء المسلمين قاطبة قد أجمعوا على أن الإيمان بالصفات الإلهية كما جاءت في النصوص الشرعية الموثقة، هو


(١) أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة: (٢٢٣ - ٣١١ هـ)، كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل. مصر، دار الكتب السلفية، ط / ٢ سنة ١٤٠٣ هـ، ص / ٥، وانظر ص / ٦ أيضا حيث يذكر ابن خزيمة عددا من الأحاديث التي يذكر فيها النفس صفة لله سبحانه.
(٢) سورة طه الآية ٤١
(٣) سورة المائدة الآية ١١٦