للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اتجاه، يتطابق مع الغاية من إخبارنا بهذه النصوص. ويتطابق مع ما تقضي به الأحكام العقلية الصحيحة، البعيدة عن الأهواء وعن مسارب الشبهات.

وفي إقرار هذه الحقيقة، يقول " ابن خزيمة " أيضا، في معرض الحديث عن الآيات التي تثبت الوجه لله سبحانه، مثل قوله:

{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (١)

- يقول:

(فأثبت الله لنفسه وجها، وصفه بالجلال والإكرام، وحكم لوجهه بالبقاء، ونفى الهلاك عنه، فنحن وجميع علمائنا، من أهل الحجاز، وتهامة، واليمن، والعراق، والشام، ومصر مذهبنا: أنا نثبت لله ما أثبته الله لنفسه، نقر بذلك بألسنتنا، ونصدق بذلك بقلوبنا، من غير أن نشبه وجه خالقنا بوجه أحد من المخلوقين، وعز عن أن يكون عدما كما قاله المبطلون).

ومعنى ذكره " ابن خزيمة " أن علماء الأمصار الإسلامية، كانوا مجمعين على هذه القضية، وأن الخلاف الذي دار حولها بين بعض الدوائر في البيئة الإسلامية، ما بين مؤول، وناف لها، إنما حدث بسبب آت من خارج الفكر الإسلامي، وبسبب التأثر بتيارات فكرية وفدت من ثقافات بعيدة عن الإسلام، ومن ثم فإن هذه الثقافات لا يمكن أن تعد - لا من قريب، ولا من بعيد - ممثلة للفكر الإسلامي، أو معبرة عن الثقافة الإسلامية.

بين السلف والخلف:

وبعد؛ فقد بات واضحا أن تلك المقولة التي رددت من قبل بل لا تزال تردد بين كثيرين في مجال الفكر الإسلامي وفي غيره، وهي أن " موقف


(١) سورة البقرة الآية ١١٥