للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابع: أن الرسول صلى الله عليه وسلم، إذا تكلم بكلام أراد به غير ظاهره، أو غير حقيقته، " فلا بد أن يبين للأمة " ذلك، ويوضحه [سواء عينه، أو لم يعينه] وتبدو هذه الإبانة ضرورية وحتمية، إذا كان الأمر يتعلق بقضايا العقيدة، وبمسائل الدين، وبحقائق العلم الإلهي أو كما قال: [لا سيما في الخطاب العلمي الذي أريد فيه فهم الاعتقاد والعلم، دون عمل الجوارح] (١).

وسبب هذه الحتمية، ما يلي:

أ - أن الله سبحانه " قد جعل القرآن نورا، وهدى، وبيانا للناس، وشفاء لما في الصدور " من الوساوس، والشكوك، وحبائل الهوى.

ب - وأرسل سبحانه [الرسل لتبين للناس ما نزل إليهم، ولتحكم بينهم فيما اختلفوا فيه] (٢) حتى تنقطع بهم الحجة، وتتضح أمامهم السبل.

ج - والنبي صلى الله عليه وسلم [بعث بأفصح اللغات وأبين الألسنة والعبارات] (٣).

د - والأمة التي تلقت عنه، والتزموا نهجه [كانوا أعمق الناس علما، وأنصحهم للأمة، وأبينهم للسنة] (٤).

وإذا كان الأمر كذلك، فإنه يلزم أن يوضح النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، ومن تبعهم كل ما يتعلق بقضايا الدين، وبمسائل العقيدة وضوحا لا خفاء فيه، ولا لبس معه. ومن ثم [فلا يجوز أن يتكلم هو - النبي صلى الله عليه وسلم - وهؤلاء بكلام يريدون به خلاف ظاهره، إلا وقد نصب دليلا يمنع من حمله على ظاهره] (٥).

- وهذا الدليل: قد يكون إما عقليا ظاهرا وإما سمعيا ظاهرا، ولهذا؛ فإنه لا يجوز أن يبلغ الناس ما أمر به أن يبلغه، ثم يخفي عليهم ما


(١) الرسالة المدنية، ص / ٧.
(٢) الرسالة المدنية، ص / ٧.
(٣) الرسالة المدنية، ص / ٧.
(٤) الرسالة المدنية، ص / ٧.
(٥) الرسالة المدنية، ص / ٧.