للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في بعضه من الدلائل الغامضة والأسرار أو المعاني البعيدة عن متناول عقول عامتهم، ثم يطلب منهم في الوقت نفسه أن يؤمنوا به، وأن يعتقدوه، ويطلب منهم كذلك، أن يتدبروا ما فيه، ويعقلوه، ويتفكروا فيه - يذكر ابن تيمية، أنه لا يجوز ذلك؛ لأنه ضد مهمة بعث الرسل، ومناف لأهدافها، ومناقض للغاية من الرسالة نفسها؛ لأن الرسالة للإفهام وللهداية وللإرشاد، وللبيان كما ذكرنا.

وكذلك، فإن الناس ليسوا جميعا على درجة سواء من العلم، أو الفهم، أو الاستنباط، واستخراج الأدلة والبراهين، ذلك أن منهم - كما يقول -[الذكي، والبليد، والفقيه، وغير الفقيه]. وإذا كان ثمة أدلة غامضة، أو خفية تدل على أن المراد غير ظاهر تلك البلاغات، وتلك الأدلة غير متيسرة للعامة ومن في حكمهم من المتعلمين، - إذا كان الأمر كذلك [كان تدليسا وتلبيسا، وكان نقيض البيان وضد الهدى. وهو بالألغاز والأحاجي أشبه، منه بالهدى والبيان] (١).

هذه هي خطوات المنهج لدى ابن تيمية. والذي جعل منه أساسا للنظر في صفات الخالق جل وعلا، وللتأمل في أسمائه. وهو المنهج الذي عالج من خلاله قضيته للتأويل في هذا المجال.

والآن لننظر كيف طبق شيخ الإسلام هذا المنهج على صفة من الصفات التي جعل منها نموذجا يحتذى.

التطبيق:

أما في مجال تطبيق تلك القواعد التي ذكرناها، فيشير إليه ابن تيمية قائلا: [ونحن نتكلم على صفة من الصفات، ونجعل الكلام فيها أنموذجا يحتذى عليه] (٢).

أما تلك الصفة التي اختارها نموذجا لتطبيق المنهج الذي أشار إليه، والتي تعد مدخلا لفهم قضايا الصفات برمتها، فهي صفة " اليد ".


(١) الرسالة المدنية، ص ٧ - ٨.
(٢) الرسالة المدنية، ص / ٧.