للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد جاءت تلك الصفة في القرآن الكريم، وفي السنة الصحيحة كثيرا. وقد قبلها أهل السنة - كما ذكرنا - وأمروها كما هي، دون أن ينفوها، ودون أن يفهموها في إطار الفهم البشري لمدلول كلمة اليد، التي يتصف بها البشر، أو غيرهم من المخلوقات، وإنما فهموا أن لله سبحانه يدا [تناسب ذاته، تستحق من صفات الكمال، ما تستحق الذات] (١) ولعل من أبرز الأسباب التي (تؤخذ مما) يشير إليه شيخ الإسلام، أن المدخل لهذا الفهم المتعلق بقضية الصفات، هو معايير اللغة العربية، وطرائقها في التعبير، ووسائلها في الإبانة والتصوير، وإذا عرفنا، أن القرآن أنزله الله بهذا اللسان العربي، وأنه سبحانه قد وصفه بأنه " مبين "، فإن هذا الإعلام يضع بين أيدينا فكرة منهجية على جانب كبير من الأهمية، هي: أن تكون طرائق فهم القرآن، ومناهج تدبره، وسبل الغوص وراء مراميه، ومعانيه، سائرة حسب قوانين ذلك اللسان المبين، سواء أكان ذلك في الحقيقة أم في المجاز، في الدلالة أم الإشارة، وعلى هذا النحو يكون المضي قدما في طرائق فهم " الصفات الإلهية "، حيث يجب الالتزام التام، بأسس الدلالة في اللغة العربية، وبضوابط أساليب الإفهام فيها.

وهنا ينبغي أن نشير إلى ضرورة الالتفات إلى أن محاولة تناول هذه القضية في ضوء دلالة أية لغة أخرى غير العربية، سوف يكون منهجا بعيدا عن الالتزام العلمي، ومخالفا لقواعد المنهجية العلمية في تناول هذه القضية.

وعلى هذا: فإن صفة " اليد " في مثل قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} (٢) جاءت مفردة

وجاءت مثناة في مثل قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} (٣)


(١) الرسالة المدنية، ص / ١٠.
(٢) سورة الفتح الآية ١٠
(٣) سورة المائدة الآية ٦٤