للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستولت على الأمور، فلا عليهم إلا أن يحموا أنفسهم من الشرور والفتن، إنهم يأتون في العصر المليء بالفتن والبدع والخرافات، العصر الذي يزعم فيه كبار العلماء أن الحق والدعوة إليه أن لا تتزلزل أقدامهم، وأن لا يقعوا فيما وقع فيه الناس، فيأتي ذلك المجدد الذي لا يبالي بأي شيء في سبيل الإصلاح، ويستقي من نور النبوة، ويتقدم لإصلاح معالم الدين التي أفسدها المفسدون من المبتدعة والملاحدة والمنطقيين والفلاسفة وأهل الأهواء والفرق الضالة، ويصعد في الدرجات العلى حتى يصل إلى المكان الذي لا يمكن أن يتصور الوصول إليه عظماء ذلك العصر.

ولقد كانت نهاية القرن السابع وبداية القرن الثامن الهجري عصرا مليئا بالأحداث السياسية والدينية والفكرية، الأمر الذي هز كيان الأمة الإسلامية، وأبعدها من المنابع الصافية للإسلام، وأشغلها بعقائد وأفكار لم تكن تمت إلى الإسلام بشيء.

دخلت الفلسفة والمنطق إلى حياة الأمة، وجعلت أفكار اليونان تأخذ مكان العقائد الإسلامية، وانعكست القضية حيث أصبح المسلمون في معزل عن الكتاب والسنة، فأخذ المسلمون يستنبطون عقائدهم من الفلسفة والمنطق، كما أخذوا يتغلغلون في القائق والتفريعات الفقهية، بعيدين عن الكتاب والسنة، وأصبح كل صاحب مذهب فقهي يفرح بما لديه من الآراء والأقيسة، ويشنع على الآخرين، واستولي الفكر المذهبي على أذهان الناس، حتى بات الحديث عن الكتاب والسنة حديثا غريبا، وصارت دعوة الرجوع إلى الكتاب والسنة دعوة شاذة، يؤذى صاحبها، ويبتر لسان المنادي بها، وهكذا تغيرت معالم الدين، وكاد أن ينطفئ - لا قدر الله - مشعل القرآن والسنة، لولا أن تداركت رحمة ربنا، فجاء الإمام الرباني شيخ الإسلام والمسلمين تقي الدين أحمد بن تيمية، وقد كانت البلاد الإسلامية بها آلاف من العلماء البارزين والدعاة والمصلحين، ولكن مرتبة العزيمة التي كانت تتطلب نفسا عالية، لم