للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فدعاني فقرأها علي وقال: لا تنكحها (١)».

وللحديث الذي رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله (٢)».

قال الشوكاني: هذا وصف خرج مخرج الغالب باعتبار من ظهر منه الزنا، وفيه دليل على أنه لا يحل للرجل أن يتزوج بمن ظهر منها الزنا، ويدل على ذلك الآية المذكورة في الكتاب الكريم؛ لأن آخرها: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (٣)

فإنه صريح في التحريم (٤)، وقال الشنقيطي: إن أظهر قولي العلماء عندي أن الزانية والزاني إذا تابا من الزنا، وندما على ما كان منهما، ونويا ألا يعودا إلى الذنب، فإن نكاحهما جائز، فيجوز له أن ينكحها بعد التوبة، ويجوز نكاح غيرهما لهما؛ لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، لقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (٥) الفرقان / ٧٠.

فالتوبة من الذنب تذهب أثره، أما من قال: إن من زنى بامرأة لا تحل له مطلقا ولو تاب، فقولهم خلاف التحقيق (٦).

والمسلم الفاضل لا يمكن أن يرضى بالحياة مع زانية، أو يعاشر امرأة غير مستقيمة، والله شرع له الزواج لتكون الزوجة له سكنا، ويكون بينهما مودة ورحمة، فأين المودة التي يمكن أن تحصل بين مسلم فاضل وزانية؟! وهل يمكن لنفسه أن تسكن إلى نفسها الخبيثة الداعرة؟!


(١) سورة النور الآية ٣ (٢) {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ}
(٢) أبو داود (٢٠٥٢) في النكاح، وأحمد (٢/ ٣٢٤)، وذكره الحافظ في (بلوغ المرام / ١٠٢٩) وقال: إسناده حسن.
(٣) سورة النور الآية ٣
(٤) نيل الأوطار (٦/ ١٤٥).
(٥) سورة الفرقان الآية ٧٠
(٦) أضواء البيان (٦/ ٨٣).