للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (١) المائدة / ٥.

ومما يؤكد ذلك أن سورة البقرة من أول ما نزل من القرآن، في حين أن سورة المائدة من آخر ما نزل، ثم إن لفظ " مشرك " لا يتناول أهل الكتاب، لقوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} (٢) البينة / ١

ففرقت الآية بينهما، ولو كانا شيئا واحدا ما فرقت. قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: " لا يصح من أحد أنه حرم ذلك " - يعني الزوج بالكتابيات - وبه وقال: عثمان وطلحة وجابر وحذيفة وابن عباس من الصحابة، ومالك وسفيان والأوزاعي وابن المسيب وابن جبير والحسن وطاوس وعكرمة والشعبي والضحاك، ممن بعدهم، كما حكاه النحاس والقرطبي.

أقول: ولكن آية المائدة اشترطت في الكتابيات أن يكن " محصنات " أي: عفيفات لا يعرف عنهن تبذل أو فاحشة، أو مجاهرة بشرك، كالقول بألوهية المسيح، أو أنه - أو عزير - ابن الله.

يقول رشيد رضا في بيان الفرق بين المشركة والكتابية: " والمشركة ليس لها دين يحرم الخيانة ويوجب الأمانة، ويأمرها بالخير، وينهاها عن الشر، فهي موكولة إلى طبيعتها وما تربت عليه في عشيرتها، وهو خرافات الوثنية وأوهامها، وأماني الشياطين وأحلامها، وتخون زوجها، وتفسد عقيدة ولدها: أما الكتابية فليس بينها وبين المؤمن كبير مباينة؛ فإنها تؤمن بالله وتعبده، وتؤمن بالأنبياء، وبالحياة الأخرى وما فيها من جزاء، وتدين بوجوب عمل الخير وتحريم الشر، والفرق الجوهري بينهما هو الإيمان بنبوة


(١) سورة المائدة الآية ٥
(٢) سورة البينة الآية ١