للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ط - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «تزوج أبو طلحة أم سليم، فكان صداق ما بينهما الإسلام، أسلمت أم سليم قبل أبي طلحة فخطبها، فقالت: إني قد أسلمت، فإن أسلمت نكحتك، فأسلم، فكان صداق ما بينهما (١)».

يتبين لنا - مما سقنا من أحاديث شريفة - أن السنة في عدم التغالي في الصداق، بل إن خيره أيسره، وأفضله ما كان موافقا صداق نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - وبناته الأطهار، وهو ما يعادل خمسمائة درهم، هذا بالنسبة للقادر المستطيع، أما الفقير الضعيف الحال فالأولى أن يكون أقل من ذلك بكثير، فقد زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنته لعلي، وطلب إليه - لما علم رقة حاله - أن يصدقها درعه الحطمية، كما زوج عليه الصلاة والسلام المرأة التي وهبت نفسها له من الصحابي الفقير، وجعل صداقها ما يحفظ من القرآن، وتزوجت أم سليم أبا طلحة، وجعلا صداق ما بينهما إسلامه، كما تزوج عبد الرحمن بن عوف بزنة نواة من ذهب، وقال الخطابي: النواة اسم لقدر معروف عندهم، فسروها بخمسة دراهم من ذهب، وقال أبو عبيد: إن أبا عبيدة دفع خمسة دراهم تسمى نواة، كما تسمى الأربعون درهما أوقية (٢).

وقد أنكر عليه السلام على الذي أصدق الأنصارية أربع أواق فضة، وحاله لا تساعده على ذلك، وقال له: كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل.

قال ابن القيم في (زاد المعاد ٥/ ١٧٨): (تضمنت الأحاديث أن الصداق لا يتقدر أقله، وأن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح، وأنها من قلة بركته وعسره، وأن المرأة إذا رضيت بعلم الزوج وحفظه للقرآن أو بعضه مهرها جاز ذلك، بل إن رضيت بالعلم والدين وإسلام الزوج وقراءته القرآن، كان من أفضل المهور وأنفعها وأجلها.


(١) رواه النسائي (٦/ ١١٤) في النكاح، قال الأرناؤوط في حاشية جامع الأصول (٧/ ٧): وإسناده صحيح.
(٢) انظر: شرح مسلم / للنووي (٩/ ٢١٦)، وزاد المعاد / لابن القيم (٥/ ١٧٦).