للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعضهم: لا يكون الصداق إلا مالا، ولا يكون منافع أخرى، ثم جعلوا لأقله حدا، فقال أبو حنيفة، لا يكون أقل من عشرة دراهم، وقال مالك: لا يكون أقل من ربع دينار (أو ثلاثة دراهم)، وهي أقوال لا دليل عليها من كتاب ولا سنة ولا قياس ولا قول صاحب، وقد زوج سعيد بن المسيب ابنته على درهمين، وتزوج ابن عوف على خمسة دراهم، وأقره النبي - صلى الله عليه وسلم، ولا سبيل إلى إثبات المقادير إلا من جهة صاحب الشرع).

ونقل الحافظ ابن حجر في (الفتح ٩/ ٢٠٩) قول ابن المنذر تعليقا على حديث: «التمس ولو خاتما من حديد (١)» فيه رد على من زعم أن أقل المهر عشرة دراهم، وكذا من قال: ربع دينار، قال: لأن خاتما من حديد لا يساوي ذلك) ثم نقل رحمه الله قول ابن العربي من المالكية: (لا شك أن خاتم الحديد لا يساوي ربع دينار) (الفتح ٩/ ٢١١).

أما ما يروى من قصة المرأة التي ردت على عمر بن الخطاب، حين دعا إلى عدم التغالي في المهور، بقوله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} (٢)

ونصها: (عن مجالد بن سعيد عن الشعبي قال: خطب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الناس، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: ألا لا تغالوا في صدق النساء؛ فإنه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شيء ساقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو سيق إليه، إلا جعلت فضل ذلك في بيت المال، ثم نزل فعرضت له امرأة من قريش، فقالت: يا أمير المؤمنين، كتاب الله أحق أن يتبع أو قولك؟ قال: بل كتاب الله عز وجل، فما ذلك؟ قالت: نهيت الناس آنفا أن يغالوا في صدق النساء، والله عز وجل يقول:

{وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} (٣)

فقال عمر: كل أحد أفقه من عمر - مرتين أو ثلاثا - ثم رجع إلى المنبر، فقال للناس: إني نهيتكم أن تغالوا في صدق النساء، ألا فليفعل رجل في


(١) صحيح البخاري النكاح (٥١٣٥)، صحيح مسلم النكاح (١٤٢٥)، سنن الترمذي النكاح (١١١٤)، سنن النسائي النكاح (٣٣٥٩)، سنن أبو داود النكاح (٢١١١)، سنن ابن ماجه النكاح (١٨٨٩)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٣٦)، موطأ مالك النكاح (١١١٨)، سنن الدارمي النكاح (٢٢٠١).
(٢) سورة النساء الآية ٢٠
(٣) سورة النساء الآية ٢٠