للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ماله ما بدا له). فهذه القصة غير ثابتة عن عمر - رضي الله عنه؛ لأن في سندها علتين: الأولى: الانقطاع؛ لأن الشعبي لم يدرك عمر، حيث ولد لست خلون من خلافته.

والثانية: الضعف، من أجل مجالد بن سعيد، إذ ضعفه البخاري والنسائي والدارقطني وابن عدي وابن معين والحافظ في (التقريب)، هذا بالإضافة إلى نكارة المتن: إذ تخالف ما صح عن عمر من أنه نهى عن المغالاة في المهور - كما ذكرنا في " و " - أولا؛ ولمخالفتها ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحث على عدم المغالاة فيها، وأمره بتيسير الصداق ثانيا؛ ولمخالفتها معنى الآية التي استشهدت بها المرأة، قال القرطبي: (لا تعطي الآية جواز المغالاة؛ لأن التمثيل بالقنطار إنما هو على جهة المبالغة، كأنه قال: وآتيتم هذا القدر العظيم الذي لا يؤتيه أحد، وهذا كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من بنى لله مسجدا، ولو كمفحص قطاة (١)» ومعلوم أنه لا يكون مسجد كمفحص قطاة) ونقل أبو حيان عن الفخر الرازي قوله: (لا دلالة فيها على المغالاة؛ لأن قوله تعالى: {وَآتَيْتُمْ} (٢) لا يدل على جواز إيتاء القنطار، ولا يلزم من جعل الشيء شرطا لشيء آخر كون ذلك الشرط في نفسه جائز الوقوع، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين (٣)». . .


(١) سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (٧٣٨).
(٢) سورة النساء الآية ٢٠
(٣) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٥/ ١٠٠)، والبحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٢٠٥)، أما الآية فإنها تفيد: أن الزوج القادر المستطيع، لو أحب أن يهب لزوجته من ماله تطوعا وعن طيب نفس مالا كثيرا وإكراما لها، فهذا لا ضير فيه، أما أن تطلب هي أو وليها منه المهر العظيم، فهذا هو المنهي عنه. ومفحص القطاة: موضعها الذي تجثم فيه وتبيض.