للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن تيمية في (الفتاوى ٣٢/ ١٩٤): (والمستحب في الصداق مع القدرة واليسار أن يكون جميع عاجله وآجله لا يزيد على مهر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا بناته، وكان ما بين أربعمائة إلى خمسمائة بالدراهم الخالصة، فهذه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم، من فعل ذلك فقد استن بسنة رسول الله في الصداق، قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: «كان صداقنا - إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم - عشر أواق، وطبق بيديه (١)»، فذلك أربعمائة درهم، رواه أحمد في مسنده، وهذا لفظ أبي داود في سننه، فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة، وهن أفضل نساء العالمين في كل صفة، فهو أحمق جاهل، وكذلك صداق أمهات المؤمنين، هذا مع القدرة واليسار، فأما الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يصدق المرأة إلا ما يقدر على وفائه من غير مشقة. والأولى تعجيل الصداق كله للمرأة قبل الدخول إذا أمكن، فإن قدم البعض وأخر البعض فهو جائز، وقد كان السلف الصالح الطيب يرخصون الصداق، والذي نقل عن بعض السلف من تكثير صداق النساء فإنما كان ذلك؛ لأن المال اتسع عليهم، وكانوا يعجلون الصداق كله قبل الدخول، لم يكونوا يؤخرون منه شيئا، ومن كان له يسار ووجد فأحب أن يعطي امرأته صداقا كثيرا فلا بأس بذلك، كما قال تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} (٢)

وقال أيضا: (ويكره لرجل أن يصدق المرأة صداقا يضر به أن ينقده، ويعجز عن وفائه إن كان دينا، وما يفعله بعض أهل الجفاء والخيلاء والرياء من تكثير المهر للرياء والفخر، هم لا يقصدون أخذه من الزوج، وهو ينوي أن لا يعطيهم إياه، فهذا منكر قبيح، مخالف للسنة، خارج عن الشريعة).


(١) سنن النسائي النكاح (٣٣٤٨)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٦٨).
(٢) سورة النساء الآية ٢٠