للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طلب الأمر من قبلها وأمرها لا يكون إلا بنطق، أما الاستئذان: فهو طلب الإذن، وقد يعلم إذنها بسكوتها؛ لأن السكوت من علامات الرضا.

قال الحافظ في التعليق على حديث أبي هريرة (الفتح ٩/ ١٩١): (الثيب البالغ لا يزوجها الأب ولا غيره إلا برضاها اتفاقا، والحديث دال على أنه لا إجبار للأب عليها إذا امتنعت، وحكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم، وقد وقع في الحديث التفرقة بين الثيب والبكر، فعبر للثيب بالاستئمار، وللبكر بالاستئذان، فيؤخذ منه فرق بينهما من جهة أن الاستئمار يدل على تأكيد المشاورة، وجعل الأمر إلى المستأمرة؛ ولهذا يحتاج الولي إلى صريح إذنها في العقد، فإذا صرحت بمنعه امتنع اتفاقا، والبكر بخلاف ذلك، والإذن دائر بين القول والسكوت، بخلاف الأمر فإنه صريح في القول، وإنما جعل السكوت إذنا في حق البكر؛ لأنها قد تستحي أن تفصح).

وحول حديث ابن عباس، قال النووي في (شرح مسلم ٩/ ٢٠٤): (واعلم أن لفظة (أحق) هنا للمشاركة، ومعناه أن لها في نفسها - في النكاح - حقا، ولوليها حقا، وحقها أوكد من حقه، فإنه لو أراد تزويجها كفئا وامتنعت لم تجبر).

وقال الحافظ في (الفتح ٩/ ١٩٣): (البكر التي أمر باستئذانها هي البالغ، إذا لا معنى لاستئذان من لا تدري ما الإذن، ومن يستوي سكوتها وسخطها، واختلفوا في الأب يزوج البكر البالغ بغير إذنها: فقال الأوزاعي والثوري والحنفية ووافقهم أبو ثور، يشترط استئذانها، فلو عقد عليها بغير استئذان لم يصح، وقال الآخرون: يجوز للأب أن يزوجها ولو كانت بالغا بغير استئذان، وهو قول ابن أبي ليلى ومالك والليث والشافعي وأحمد وإسحاق، ومن حجتهم مفهوم الحديث؛ لأنه جعل الثيب أحق بنفسها من وليها، فدل على أن ولي البكر أحق بها منها).