وأول سمات سفارته، أنه كان مخلص الانتماء للمجتمع الإسلامي الجديد إخلاصا أخذ بمجامع عقله وقلبه معا، فقد كان في انتمائه لهذا المجتمع جنديا مندفعا إلى أبعد الحدود، يحرص على خدمة الإسلام والمسلمين حرصا لا مزيد عليه، ويجند طاقاته المادية والمعنوية للعمل في سبيل الخدمة العامة للإسلام والمسلمين، بعيدا عن كل مطمع ذاتي أو عائلي، فكان مستعدا أن يبذل كل ما يمكن بذله لتكون كلمة الله هي العليا.
والحافز الأول والأخير لانتماء عمرو للإسلام والمسلمين هو إيمانه الراسخ؛ فقد نشأ في بيت إسلامي من الأنصار، ونشأ وترعرع برعاية النبي - صلى الله عليه وسلم - ورعاية الأنصار والمهاجرين الأولين، فلا عجب أن يكون مؤمنا حقا يسخر طاقاته لخدمة عقيدته، ويرى تلك العقيدة أعز عليه من روحه وماله وولده وأهله وأغلى، ولعل الحديث عن إيمان الصحابة الراسخ لا يحتاج دليل.
لقد كان عمرو يتحلى بالانتماء المطلق والإيمان العميق.
وكان عمرو فصيحا يؤثر في سامعيه أبلغ الأثر؛ فيجذبهم بمنطقه القوي إلى الإسلام، وقد كان فصيحا في عرض الرسالة النبوية، وفي حمل أهل نجران على تنفيذ ما جاء فيها من أحكام نصا وروحا.
وكان عالما بالقرآن والسنة، متفقها بالدين الحنيف، وكان المرجع لمن حوله من أهل نجران في الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وكان على جانب عظيم من حسن الخلق، حتى كان أسوة حسنة لغيره من المسلمين باستقامته وورعه وتقواه، وفي قوله الحق الذي يعتقده بكل أمانة وإخلاص، فلا يخاف في الحق لومة لائم.
وكان يتميز بالصبر الجميل، وبالحكمة البالغة في القول والعمل، وفي توجيه الأمور في نجران وما حولها ومن حولها، فعالج المعضلات بأناة وتغلب على المشاكل بالصبر والحكمة.