للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عندها، فقال: اسقني. فقال: يا رسول الله، إنهم يجعلون أيديهم فيه، قال: اسقني. فشرب، ثم أتى زمزم وهم يستقون ويعملون فيه، فقال: اعملوا فإنكم على عمل صالح، ثم قال: لولا أن تغلبوا لنزلت حتى أضع الحبل. يعني على عاتقه، وأشار إلى عاتقه (١)». رواه البخاري. وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماء زمزم لما شرب له، إن شربته تستشفي به شفاك الله، وإن شربته ليشبعك أشبعك الله به، وإن شربته لقطع ظمئك قطعه الله، وهي هزمة جبريل وسقيا إسماعيل (٢)». رواه الدارقطني وأخرجه الحاكم. وعن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تحمل من ماء زمزم وتخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم يحمله. رواه الترمذي، إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في فضل ماء زمزم وخواصه.

وهذه الأحاديث وإن كان في بعضها مقال، إلا أن بعض العلماء صححها، وعمل بها الصحابة، واستمر العمل بمقتضاها إلى يومنا. ويؤيد ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال في ماء زمزم: «إنها مباركة، وإنها طعام طعم (٣)». وزاد أبو داود بإسناد صحيح: «وشفاء سقم (٤)». ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في ماء زمزم لأحد من أصحابه ليشربه أو يتمسح به تحقيقا لغرض، أو رجاء الشفاء من مرض، مع عظم بركته، وعلو درجته، وعميم نفعه، وحرصه على الخير لأمته، ومع كثرة تردده على زمزم قبل الهجرة وفي اعتماره مرات، وحجه للبيت الحرام بعد الهجرة، ولم يثبت أيضا أنه أرشد أصحابه إلى القراءة عليه مع وجوب البلاغ عليه والبيان للأمة، فلو كان ذلك مشروعا لفعله وبينه للأمة، فإنه لا خير إلا دلهم عليه، ولا شر إلا حذرهم منه. لكن لا مانع من القراءة فيه للاستشفاء به كغيره من المياه، بل من باب أولى؛ لما فيه من البركة والشفاء للأحاديث المذكورة.

السؤال الثالث: ما حكم كتابة الأوراق القرآنية في براويز وتعليقها في


(١) صحيح البخاري الحج (١٦٣٦).
(٢) سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٦٢)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٥٧).
(٣) صحيح البخاري المناقب (٣٥٢٢)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٤٧٣)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ١٧٥).
(٤) أخرجه الطيالسي في المسند برقم٤٥٧ وأخرجه مسلم في الصحيح ١٦/ ٣٠ (نووي) وأحمد في المسند ٥/ ١٧٥ بلفظ (إنها مباركة وإنها طعام طعم) من حديث أبي ذر - رضي الله عنه -، والطبراني في الصغير رقم٢٩٥.