للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البيوت، أو كتابتها على جدران البيت بقصد بقاء الملائكة في البيت، أو تعليقها بقصد الزينة، أو احتراما لآيات الله وأسمائه الحسنى؟

الجواب: القرآن كتاب تشريع، أنزله الله تعالى ليبين للناس ما تنظم به أحوالهم وتستقيم حياتهم، ويصلح به أمرهم في معاشهم ومعادهم، وإنما يتم ذلك لهم إذا وجهوا همهم إلى تحقيق القصد الذي من أجله أنزل، فآمنوا به وقدروه قدره، وتدبروا آياته، وعملوا بما فيها من أحكام، فبذلك وحده يكون القرآن نورا في قلوبهم، وقوة لهم في إيمانهم وجهادهم وسائر أعمالهم، ومصدر هيبة ورهبة لهم في قلوب أعدائهم، وزينة لظواهرهم وبواطنهم، وبذلك وحده تغشاهم الملائكة وتحضر مجالسهم، وتنزل السكينة ويذكرهم الله فيمن عنده.

وقد علم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فكانوا مثلا أعلى في الاعتصام بالقرآن والسير على منهاجه، فكانوا خير أمة أخرجت للناس، وأقاموا المثل العليا للإنسانية قولا وعملا واعتقادا، سلما وحربا، فسعدوا في دنياهم سعادة لم تحلم بها الدول المتحضرة قديما وحديثا، وما لهم عند الله خير وأبقى. قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (١)

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده (٢)». رواه أبو داود وغيره. وعن البراء قال: «كان رجل يقرأ سورة الكهف وعنده فرس مربوط بشطنين، فنفشته سحابة، فجعلت تدور وتدنو، وجعل فرسه ينفر منها، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: تلك السكينة تنزلت للقرآن (٣)». أي لقراءته. رواه مسلم في صحيحه. إلى غير ذلك من الأحاديث. وليس


(١) سورة آل عمران الآية ١١٠
(٢) صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٦٩٩)، سنن الترمذي القراءات (٢٩٤٥)، سنن أبو داود الصلاة (١٤٥٥)، سنن ابن ماجه المقدمة (٢٢٥)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٥٢)، سنن الدارمي المقدمة (٣٤٤).
(٣) صحيح البخاري تفسير القرآن (٤٨٣٩)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (٧٩٥)، سنن الترمذي فضائل القرآن (٢٨٨٥)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٢٩٣).