في هذا الوقت بالذات، ظهرت أصوات عربية ناشزة، تدعو إلى العامية تارة، وتدعو إلى كتابة العربية بالأحرف اللاتينية، ليصبح هذا القرآن مهجورا ولتصبح اللغة العربية التي تربط العرب من المحيط إلى الخليج بإخوانهم المسلمين من الخليج إلى المحيط، لغة المقابر والكهوف، كما عبر عنها أحد المريبين من العرب المسلمين ومن العرب غير المسلمين أيضا مع الأسف الشديد.
وأتساءل والأسى يذيب قلبي: هل كانت صدفة من الصدف، أن تطرح فكرة بعث التوراة لغة وعقيدة بإماتة القرآن لغة وعقيدة وتشريعا؟
الذين يدعون بأن الصدفة عملت عملها، لا بد أن يكونوا قد ألغوا عقولهم والذين يصدقون هذا الادعاء لا بد أن يكونوا من المغرر بهم كل التغرير، أو من الجهلاء كل الجهل أو من العملاء كل العمالة.
إن وراء إماتة القرآن الكريم لغة وعقيدة وتشريعا، الاستعمار أولا، ووسيلتهم بذلك نفوذهم وعملاؤهم، والصهيونية العالمية ثانيا، ووسيلتها في ذلك الماسونية والمال الصهيوني والدعاية الصهيونية، فلا تعجبوا بعد ذلك أن يصبح " سلامة موسى " من قادة الفكر العربي، وأن يمسي الذي شارك في افتتاح الجامعة العبرية في القدس سنة ١٩٣٩ عميد الأدب العربي.
لقد اكتشفت أن الذين دعوا إلى اللغة العامية وإلى كتابة العربية بالحروف اللاتينية من الماسون، وأن الذي رفع ذكرهم بين الناس هم الماسون والاستعمار.
ودليلي على ذلك هو وجود أسمائهم في معجم المحافل الماسونية في الشرق وهو كتاب مطبوع في بيروت.
إن أصابع الماسونية وراء هؤلاء الأمعات الخونة الذين لم يدخلوا في حياتهم مسجدا ولم يؤدوا صلاة فيه أبدا.
ولعل أطرف مناقشة جرت بين المرحوم الشيخ عبد العزيز البشري والأستاذ عبد العزيز فهمي الذي تولى كبر الدعوة إلى كتابة العربية بالأحرف اللاتينية، فخلد في مصر بإطلاق اسمه على أكبر شارع في مصر الجديدة بالقاهرة وبالمترو الذي ينطلق من ساحة التحرير في القاهرة إلى نهاية شارع المنتزه بمصر الجديدة.
قال الشيخ عبد العزيز البشري لعبد العزيز فهمي: لماذا تريد أن تكتب العربية بالأحرف اللاتينية؟ قال عبد العزيز فهمي: أريد أن أعممها، فقال البشري - عليه رحمة الله -: إنك تريد أن تبرنطها ولا تريد أن تعممها، هكذا يخلد العرب المريبين، أما المخلصون فلهم الله.
وأذكر بهذه المناسبة أنني شهدت جنازة المرحوم الشيخ محيي الدين عبد الحميد، ومن الأقدار العجيبة أن أحد الفنانين مات في نفس اليوم الذي مات فيه الشيخ محيي الدين. كان سرادق الميتين متجاورين، وكان في سرادق الشيخ عشرات، وفي سرادق الفنان آلاف.