الدين الإسلامي، خسرانها اليوم وغدا كما خسرت بالأمس القريب والبعيد، إلا أننا لا نجد بدا من وقفة قصيرة، نرد فيها الشبهة التي يختلقها الدعاة المتآمرون، حول مقدرة اللغة العربية وكفايتها وبلاغتها، وتفضح - إلى جانب ذلك - ما تقتضيه دعوتهم المنكرة من تخريب للمجد الأدبي العربي، وتذويب للشخصية العربية الأصيلة لغة وأدبا وتاريخا وحضارة.
إن الدفاع عن اللغة العربية الفصحى: هو دفاع عن القرآن، وعن الدين الإسلامي: قرآنه، وحديث رسوله، وتاريخه، وتراثه الفقهي، وذخائره الفكرية والأدبية الخالدة الماجدة. .
واللغة العربية التي حملت هذا الميراث الضخم الفخم المتطاول على الزمن من حضارة الإسلام الدينية والفكرية والعلمية منذ أربعة عشر قرنا - لا يعجزها بل لم يعجزها فعلا أن تمضي في رسالتها البيانية والتاريخية وإلى الأبد الأبيد.
أما أنها عسيرة على الذين يتعلمونها، فهذا شأن كل لغة أجنبية يتعلمها من هو من غير أهلها. فاللغة الإنجليزية أو الفرنسية - مثلا - عسيرة على الذين يتعلمونها من العرب لكثرة ما فيها من شواذ في القاعدة، والنطق، والكتابة. . وهو ما لا يوجد في العربية مثيله أو نظيره.
أما عواقب التذويب والتخريب، التي يقتضيها استعمال اللغة العامية في كل قطر عربي، بديلا عن اللغة الفصحى - فيأتي في مقدمتها الانفصال التام بين شعوب البلاد العربية، لأن كل شعب منها سيقتصر على لغته المحلية تفاهما وتعاملا، وتعليما وصحافة وتأليفا، فيتعذر اللقاء بين الشعوب العربية على علم أو أدب أو تعامل أو فكر أو عمل. وهذا ما تريده " الصليبية الاستعمارية " فصما للوحدة العربية التي وسيلتها اللسان العربي، وقوامها الدين الإسلامي.
ونقول: إن قوام الوحدة العربية: هو الدين الإسلامي، لأنه لا يمكن فصل الإسلام عن اللغة العربية ولا عن الأمة العربية التي أعزها الله بالإسلام، والتي لا يمكن أن تحيى مجيدة سعيدة إلا في ظله الكريم العزيز.
ومن عواقب التخريب والتذويب، لهذه المؤامرة الماكرة الخاسرة: إهمال جميع الكتب العربية القديمة والحديثة - المؤلفة بالفصحى بما في ذلك مراجع العقيدة والشريعة، وعلى رأسها القرآن والسنة، والقيام - من جديد - بوضع كتب باللغة العامية أو بالحرف اللاتيني، والتدريس في المدارس والمعاهد والكليات، على الطريقة الجديدة، بعد إلغاء المناهج الحالية، وتخريج معلمين ومدرسين على النظام العامي أو النظام اللاتيني!!