للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأفعاله الحميدة تأبى ذلك.

وليس مقصود الشرع مجرد الأمن من المعاودة ليس إلا، ولو أريد هذا لكان قتل صاحب الجريمة فقط، وإنما المقصود الزجر والنكال والعقوبة على الجريمة، وأن يكون إلى كف عدوانه أقرب، وأن يعتبر به غيره، وأن يحدث له ما يذوقه من الألم توبة نصوحا، وأن يذكره ذلك بعقوبة الآخرة، إلى غير ذلك من الحكم والمصالح.

ثم إن في حد السرقة معنى آخر، وهو أن السرقة إنما تقع من فاعلها سرا كما يقتضيه اسمها، ولهذا يقولون: فلان ينظر إلى فلان مسارقة. إذا كان ينظر إليه نظرا خفيا لا يريد أن يفطن له، والعازم على السرقة مختف كاتم خائف أن يشعر بمكانه فيؤخذ به، ثم هو مستعد للهرب والخلاص بنفسه إذا أخذ الشيء.

واليد للإنسان كالجناحين للطائر في إعانته على الطيران، ولذلك يقال: وصلت جناح فلان إذا رأيته يسير منفردا فانضممت إليه لتصحبه، فعوقب السارق بقطع اليد قصا لجناحه، وتسهيلا لأخذه إن عاود السرقة، فإذا فعل به هذا في أول مرة بقي مقصوص أحد الجناحين ضعيفا في العدو، ثم يقطع في المرة الثانية رجله فيزداد ضعفا في عدوه، فلا يكاد يفوت الطالب، ثم تقطع يده الأخرى في الثالثة ورجله الأخرى في الرابعة، فيبقى لحما على وضم، فيستريح ويريح اهـ).

ويقول في موضع آخر: (وأما القطع فجعله عقوبة مثله عدلا، وعقوبة السارق فكانت عقوبته به أبلغ وأردع من عقوبته بالجلد، ولم تبلغ جناية حد العقوبة بالقتل فكان أليق العقوبات به إبانة العضو الذي