للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جعله وسيلة إلى أذى الناس، وأخذ أموالهم، ولما كان ضرر المحارب أشد من ضرر السارق وعدوانه أعظم ضم إلى قطع يده قطع رجله ليكف عدوانه وشر يده التي بطش بها، ورجله التي سعى بها، وشرع أن يكون ذلك من خلاف؛ لئلا يفوت عليه منفعة الشق بكماله، فكف ضرره وعدوانه، ورحمه بأن بقى له يدا من شق ورجلا من شق) (١).

ويقول رحمه الله تعالى في موضع آخر: (فصل، وأما قطع يد السارق في ثلاثة دراهم وترك قطع المختلس والمنتهب والناصب فمن تمام حكمة الشارع أيضا، فإن السارق لا يمكن الاحتراز منه فإنه ينقب الدور، ويهتك الحرز ويكسر القفل، ولا يمكن صاحب المتاع الاحتراز بأكثر من ذلك، فلو لم يشرع قطع لسرق الناس بعضهم بعضا وعظم الضرر، واشتدت المحنة بالسراق، بخلاف المنتهب والمختلس فإن المنتهب هو الذي يأخذ المال جهرة بمرأى من الناس، فيمكنهم أن يأخذوا على يديه، ويخلصوا حق المظلوم، أو يشهدوا له عند الحاكم) (٢).

وقال عبد الرحمن الحريري: (حد السرقة من الحدود الثابتة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، فذكر الله تعالى حده في الآية الكريمة، وأمر بقطع يد السارق ذكرا كان أو أنثى، عبدا أو حرا، مسلما أو غير مسلم؛ صيانة للأموال وحفظا لها، ولقد كان قطع يد السارق معمولا به في الجاهلية قبل الإسلام، فلما جاء الإسلام أقره وزاد عليه شروطا معروفة) (٣) إلى أن قال: (ولهذا علل الله تعالى قطع اليد في السرقة بقوله عز وجل: {جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} (٤)

أي تقطع مجازاة على صنعها السيئ في أخذهم أموال الناس بأيديهم


(١) إعلام الموقعين للإمام ابن القيم، ص ٨٤.
(٢) إعلام الموقعين للإمام ابن القيم، ص ٤٤.
(٣) كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، تأليف عبد الرحمن الحريري - المجلد الخامس، ص ١٥٣.
(٤) سورة المائدة الآية ٣٨