للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي تقوم به السماء والأرض، ولهذا حكم سبحانه وتعالى بقطع يد السارق، فجعله عقوبة مثلة عدلا، فكانت عقوبته به أبلغ وأردع من عقوبته بالجلد (أو السجن) فأليق العقوبات به إبانة العضو الذي جعله وسيلة إلى أذى الناس وأخذ أموالهم).

ويقول أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن البخاري في كتابه محاسن الإسلام وشرائع الإسلام، حينما تكلم عن محاسن الحدود وتكلم عن كل حد قال:

(وأما حد السرقة فالحسن فيه صيانة أموال المسلمين عن التلف، وصيانة السارق عن السرقة، فإن من سرق أسرف إذا حصل له مال مجموع غير مكسوب، فإن السرقة إنما تنشأ من لؤم الطبيعة وخبث الطينة، وسوء ظنه بالله تعالى، وترك الثقة بضمان الله تعالى، وترك الاعتماد على قسم الله تعالى. قال الله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (١).

وقال تعالى: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} (٢).

فجوزي لهذه الأنواع من الجناية.

وآخر: إن مالك المال يعتمد عصمة الله تعالى في حال نومه وغفلته وغيبته، والسارق ينتهز هذه الفرصة ولا يبالي من هذه العصمة، فجازاه الله بقطع العصمة من آلة الجناية، وهي اليد؛ فإنه بها يتمكن من السرقة في غالب أحواله. ثم الحسن فيه أن جوزي بالقطع لا بالقتل؛ لأنه فوت على المالك بعض المنافع، فيجازى بتفويت بعض المنافع). . . وهكذا.

وخلاصة ما تقدم في البحث ما يلي:


(١) سورة هود الآية ٦
(٢) سورة الذاريات الآية ٢٣