للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن الله لما خلق الإنسان وفضله وكرمه على سائر خلقه فقال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} (١).

وقال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (٢).

فقد أنزل سبحانه وتعالى من الأحكام على يد رسله الذين اختارهم واصطفاهم، وكان الهدف من هذه الأحكام هو المحافظة على الإنسان الذي كرمه على سائر خلقه، كما تهدف أيضا إلى المحافظة على الأرواح والأموال والأعراض والعقول وغيرها من مقاصد تنظيم المجتمع تنظيما دقيقا ناجحا، ومن هذه الأغراض والمقاصد الأساسية التي تهدف إليها الشريعة الغراء المحافظة على مال الإنسان ونفسه.

ولذلك فقد شرع سبحانه حد السرقة، وهو (قطع يد السارق)؛ لأن السرقة تؤدي إلى إتلاف المال وضياعه، والمال مخلوق لوقاية النفس والمحافظة عليها، فكانت الحكمة من شرعية حد السرقة هي المحافظة على المال، وعلى النفس، وعلى العرض، كما أن السرقة إذا انتشرت في قوم سادهم الخوف والقلق وعدم الاستقرار، وإذا سادت هذه الأشياء مجتمعا من المجتمعات فلن يصلح حاله ولن يتقدم مهما كانت أسباب التقدم فيه، ولقد خلق الله المال حماية للإنسان. يقول تعالى:

{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (٣).

ويقول الشاعر في المال:

أصون عرضي بمالي لا أدنسه ... لا بارك الله بعد العرض في المال

ولا يمكن المحافظة على النفس، أو العقل، أو النسل إلا به. لذا كانت


(١) سورة ق الآية ١٦
(٢) سورة الإسراء الآية ٧٠
(٣) سورة البقرة الآية ٢٩