للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البناء، لكن مقصود المدعى عليه بإقامة البينة ليس إثبات الملك للغائب، إنما مقصود إثبات أن يده يد حفظ، لا يد خصومة؛ فيكون ذلك ضمنيا ولا معتبر به (١).

سادسا:

رأي القاضي ابن أبي ليلى: يرى القاضي ابن أبي ليلى - رحمه الله - عكس ما يراه القاضي ابن شبرمة. أي أن صاحب اليد المدعى عليه إذا أقر بالملكية لغيره فإن الخصومة تندفع عنه مطلقا، سواء أقام البينة أو لم يقم البينة، بل لا حاجة - عنده - إلى إثبات الدفع بالبينة إذ يكفي مجرد الإقرار بالملكية للغير. وفي ذلك يقول صاحب العناية على الهداية " وقال ابن أبي ليلى: تندفع بمجرد الإقرار، ووجه قوله: أن ذا اليد أقر بالملك لغيره، والإقرار يوجب الحق لنفسه فتبين أن يده يد حفظ فلا حاجة إلى البينة. والجواب (٢): أنه صار خصما بظاهر يده وبإقراره، يريد أن يحول حقا مستحقا على نفسه؛ فهو متهم في إقراره، فلا يصدق إلا بحجة، كما إذا ادعى تحول الدين من ذمته إلى ذمة غيره بالحوالة فإنه لا يصدق إلا بحجة. لا يقال: يلزم إثبات إقرار نفسه ببينة، وهو غير معهود في الشرع؛ لأنها لإثبات اليد الحافظة التي أنكرها المدعي، لا لإثبات الإقرار (٣).

الترجيح:

إذا أمعنا النظر في صور دفع الخصومة، وإلى ما استدل به كل فريق


(١) العناية مع فتح القدير تكملة ٨/ ٢٣٩ فما بعدها.
(٢) أي جواب الإمام البابرتي صاحب العناية على الهداية.
(٣) العناية مع تكملة فتح القدير ٨/ ٢٣٩ فما بعدها.