المسجد لغة مكان السجود، واصطلاحا ذلك البيت الذي تقام فيه الصلاة ويعبد فيه الله. . . وكان المسجد في الإسلام مركزا لنشاطات المسلمين الاجتماعية والثقافية. . . وإلى جانب ذلك كان في عهد النبوة وعهد الخلافة الراشدة مدرسة يشع منها نور الحق.
ولكنه من الأسف أن الانهيار الذي تغلغل في حياة المسلمين الاجتماعية بعد الخلافة الراشدة لم يستطع المسجد أيضا بسببه أن يحافظ على مكانته الحقيقية. . . بل أصبح مكانا لإقامة الصلاة والعبادة فقط، أو مركزا للتدريس والوعظ والإرشاد إلى آخر الحد. . أما أن يكون المسجد هو المقر الذي تتم فيه شئون المسلمين بالمشورة وبدافع خشية الله فقد انتزعت منه تلك المكانة العظيمة وحلت محله البلاطات الملكية، حيث كان الملوك المستبدون يقضون في شئون الناس حسب ما تمليهم أهواؤهم. . . اللهم إلا من رحم ربي. . .
ولما تمت سيطرة الإنكليز على شبه القارة الهندية فإنهم لأجل القضاء على الشخصية الإسلامية فيها حاولوا السيطرة على المساجد ولكن المسلمين قاوموا هذه الفكرة باستماتة وإباء ونجحوا في إحباط تلك المؤامرة. . ولكن الإنكليز اختاروا أسلوبا آخر لتحقيق غايتهم وهو أنهم استخدموا الأفراد الذين ربوهم في أكنافهم وبذلوا لهم الألقاب العديدة وعن طريقهم كونوا جمعيات تشرف على المساجد، وهكذا استطاعوا أن يجعلوا طائفة من المساجد الرئيسية في البلاد تحت نفوذهم ورعايتهم، حتى لا يعلو منها على الأقل صوت يحارب الاستعمار الإنكليزي. . أما عامة المساجد في المدن والقرى فإن المسلمين على رغم الاحتلال الإنكليزي العنيف حافظوا على حريتها وقدسيتها. . . وبفضل تلك الحرية استطاعت مساجد المسلمين ومعاهدهم أن تجعل قناديل الإيمان والإسلام مستنيرة متلألئة في قلوب المسلمين، وبفضل تلك الحرية والقناديل الإيمانية برزت أخيرا إلى الوجود دولة باكستان الإسلامية في ربوع الهند الوثنية في عام ١٩٤٧ م.
وصحيح مبدئيا أن رعاية المساجد والمعاهد هي مهمة الحكومة الإسلامية الأولى. . . ولكن هذه المهمة لا يستطيع أداءها على أحسن وجهها إلا حكومة تحذو حذو الخلافة الراشدة. . . بل إلى هذا النمط من الحكومة الرشيدة يمكن تفويض هذه المهمة. . . ولا تصلح للقيام بها حكومة لا تقر بحاكمية الله، ولا