تؤمن بشريعة الله قانونا أساسيا للدولة. . . وتطبق قوانين الكفر بدلا من قانون الله، وتقمع صوت الخير والصلاح. . . وتروج السوء والفحشاء. . . وبدلا من أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، تأتي فتهدد دعاة الحق والخير وتروعهم، وتزج بهم في السجن، وتعلقهم على المشانق.
وبالمناسبة أقول، مع شديد الأسف، إن بعض الدول المسلمة في العصر الحاضر بدلت قوانين الأحوال الشخصية. . الأمر الذي لم يستطع الاستعمار الغربي أن يتجاسر عليه في عهد الاحتلال. . . وأضرب لكم مثلا من بلادي. . . فقد طبق فيه قانون من عام ١٩٦٨م لا يسمح بأن يعقد شاب عمره أقل من ثمانية عشر عاما زواجه بفتاة أقل من ستة عشر عاما، وإنهما إن فعلا ذلك فإن القانون يعاقبهما ووالديهما وشهود النكاح أيضا أشد العقاب. . . أما إذا جاء ذلك الرجل وتلك الفتاة ينشئان العلاقات غير الشرعية بينهما على رضاهما فليس هناك من قانون يمنعهما من ذلك، ثم إذا أحب الرجل المتزوج أن يتخذ إحدى النساء محظية له لا يمانعه قانون، ولكنه إذا أراد أن يتزوج بتلك المرأة فلا يستطيع الرجل بموجب القانون إلا بعد الحصول على الإذن من زوجته الأولى. . . ولا ينقصكم في هذا العصر مثل للحكومة التي منعت الأذان والخطبة باللغة العربية. . . وهناك عدة دول مسلمة تحاول فرض الاشتراكية على أعناق المسلمين باسم الإسلام، ولا يخفى عليكم ما آل إليه أمر نظام الحياة الإسلامية والقيم الإسلامية في ظل بعض الحكومات المسلمة في بعض البلدان.
ولذلك أرى، بدون ما ريب، أن نظام المساجد والمدارس يجب أن يبقى بعيدا عن تدخل الحكومات ونفوذها. . . وإلا سيكون مصيره مصير النظام الكنائسي، وبالتالي يتحول نظام المساجد في كل بلد إلى نظام قومي مثل الكنيسة القومية، يتبع المصالح القومية ويصير أداة بيد الحكام، ولا حاجة بعد ذلك إلى ذكر الأضرار التي تلحق بدين الله والوحدة الإسلامية بهذه الطريقة، ثم ليس من المستبعد أن يقع نظام المساجد والمدارس في متاعب ومحن لا تعد ولا تحصى إذا سيطر عليها الحكام في مختلف البلدان تتضارب أفكارهم وتتنازع مصالحهم، وأقترح أن تقام في مختلف أنحاء العالم الإسلامي معاهد لتربية الأئمة والخطباء وإعدادهم إعدادا صحيحا كاملا يتلقى فيها الأئمة والخطباء قدرا لازما من المعارف والعلوم التي تؤهلهم للقيام بواجب التوجيه والدعوة والإصلاح وفق مقتضيات العصر.
وكذلك لأجل إحياء رسالة المسجد في الحياة القومية ولجعله مؤسسة فعالة لتطوير المستوى الديني والخلقي