للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أخطأ بعض الباحثين فزعم أن السنة لا تعتبر مصدرا من مصادر الأحكام سواء أحكام النظام الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي وهذا القول غير صحيح فإن السنة كالقرآن مصدر من مصادر الأحكام سواء أكانت عبادات أم جنايات أم أحكاما اجتماعية أم اقتصادية للأدلة التي سبق ذكرها ولقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، لا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه (١)». . . .

والحكم الثابت بالسنة هو في الحقيقة ثابت بالقرآن لأن القرآن هو الذي أمرنا وأرشدنا إلى اتباع السنة لما سبق ذكره من آيات.

وقد بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن الحكم الثابت بالسنة ثابت بالقرآن. ففي حديث العسيف الزاني: «أن رجلا من الأعراب أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله. فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه: نعم فاقض بيننا بكتاب الله وأذن لي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قل. قال: إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته وإني أخبرت أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم فأخبروني أنما على ابني جلد مائة وتغريب عام وأن على امرأة هذا الرجم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفسي بيده لأقضين بينكم بكتاب الله، الوليدة والغنم رد وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها، قال: فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجمت (٢)».

فانظر كيف حكم - عليه الصلاة والسلام - على المرأة بالرجم واعتبر ذلك ثابتا في الكتاب مع أن رجم المحصن أو المحصنة ثابت بالسنة لكن لما دلنا


(١) رواه أبو داود في كتاب السنة باب في لزوم السنة ٤/ ٢٠٠.
(٢) رواه مسلم في كتاب الحدود باب من اعترف على نفسه بالزنا ٣/ ١٣٢٤ - ١٣٢٥ والعسيف: الأجير، والوليدة: الجارية.