للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثال استحسان العرف ما قاله العلماء بأنه لو حلف رجل أن لا يأكل اللحم وأكل سمكا فإنه لا يحنث استحسانا لأن السمك وإن كان يسمى لحما في اللغة إلا أن عرف الناس في كثير من البلدان إطلاق اللحم على لحم الضأن والماعز والإبل والبقر دون السمك.

وأكثر من ذهب إلى العمل بالاستحسان الحنفية والمالكية وقال به الحنابلة ولم يتوسعوا فيه، ومنعه الشافعية مطلقا.

والصحيح أن الاستحسان راجع إلى غيره من الأدلة فاستحسان الأثر راجع إلى القرآن أو السنة واستحسان الإجماع راجع إلى الإجماع واستحسان القياس راجع إلى القياس واستحسان العرف راجع إلى العرف واستحسان المصلحة راجع إلى المصلحة.

(٣) المصلحة المرسلة:

سميت مصلحة لأن فيها محافظة على مقصود الشارع من جلب منفعة أو دفع مضرة، ويدخل في ذلك تحقيق الضروريات للناس - وهي حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العقل وحفظ النسل وحفظ المال - ومراعاة الحاجيات والتحسينيات.

وسميت مرسلة أي مطلقة عن دليل يخصها بعينها، لكن شهد لجنسها جملة أدلة (١).

وقد اجتهد العلماء فقالوا بقتل الجماعة إذا قتلوا واحدا واستنادا للمصلحة المرسلة (٢) وذلك لعدم وجود دليل يخص هذه المسألة بعينها.


(١) انظر الموافقات للشاطبي ١/ ٣٨ - ٣٩.
(٢) انظر الاعتصام للشاطبي ٢/ ١٢٥ - ١٢٦.