للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال القرطبي: وعبر عنها بالقرآن خاصة دون غيرها من الصلوات، لأن القرآن هو أعظمها، إذ قراءتها طويلة مجهور بها، حسبما هو مشهور مسطور عن الزجاج أيضا (١).

الدليل الثاني: ما ورد في حديث المسيء صلاته من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن (٢)» ولم يذكر الفاتحة، فلو كانت ركنا لعلمه إياها ولقال: اقرأ الفاتحة، وهو محتاج إلى تعلم الأحكام.

ونوقش هذا الدليل بأن ما تيسر من القرآن محمول على الفاتحة، لأنها مما تيسر، بدليل ما ورد في حديث المسيء صلاته من قوله: «وإذا قمت فتوجهت فكبر ثم اقرأ بأم القرآن، وبما شاء الله أن تقرأ (٣)».

فقوله في الآية: ما تيسر، مجمل بينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو مطلق قيده، وربما يكون محمولا على العاجز، جمعا بين الأدلة، وربما يكون الأمر بقراءة ما تيسر بعد الفاتحة، بدليل قول أبي سعيد: «أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر (٤)».

الدليل الثالث: إن سور القرآن سواء في الحرمة (الفاتحة وغيرها) وهذا يدل على استوائها في الأجزاء بالقراءة في الصلاة بدليل تحريم قراءة الجميع على الجنب، وتحريم مس المحدث له (٥).

ونوقش هذا الدليل: بأنه لا يلزم من استواء سور القرآن في الحرمة استواؤها في الإجزاء في الصلاة، لا سيما وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة في نفس الفاتحة، فوجب المصير إليها (٦).

هذا وقد ذكر ابن كثير جانبا من استدلال الحنفية ورده عند تفسير


(١) أبو عبد الله القرطبي: تفسير القرطبي جـ١٠ ص٣٠٥ - ٣٠٦.
(٢) صحيح البخاري الأذان (٧٥٧)، صحيح مسلم الصلاة (٣٩٧)، سنن الترمذي الصلاة (٣٠٣)، سنن النسائي الافتتاح (٨٨٤)، سنن أبو داود الصلاة (٨٥٦)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٠٦٠)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٣٧).
(٣) أخرجه أبو داود في افتتاح الصلاة باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود جـ١ ص١٩٧.
(٤) أخرجه أبوداود في افتتاح الصلاة باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب، جـ١ ص١٨٨.
(٥) النووي: المجموع جـ٣ ص٢٨٧.
(٦) النووي: المجموع جـ٣ ص٢٨٧.