للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما هو نفي للكمال، ودفع للنقص، بدليل أنه ورد في إحدى روايات حديث المسيء صلاته «فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك، وما انتقصت من هذا فقد انتقصت من صلاتك (١)»

ووجه الدلالة في هذه الرواية من جهتين:

الأولى: لقد سمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الأعرابي صلاة، فلو كان ترك الطمأنينة مفسدا للصلاة لما سماها صلاة، كما لو ترك الركوع أو السجود.

الثانية: ترك الرسول - صلى الله عليه وسلم - المسيء صلاته حتى أتمها، ولو كان عدم الاطمئنان مفسدا، لفسدت الصلاة من أول ركعة، ولما حل له الاستمرار فيها بعد الفساد. فإقرار الرسول - صلى الله عليه وسلم - له على ذلك دليل على عدم البطلان، وإقراره من السنة ثاني الأدلة الشرعية (٢).

بعد ذكر آراء العلماء في هذه المسألة، واستدلالاتهم، فالذي أميل إليه وأدين الله به هو ما عليه جمهور العلماء، من أن الطمأنينة فرض في الصلاة لا تصح الصلاة بدونها، وذلك لأن أدلة الجمهور أقوى من أدلة الفريق الآخر، حيث إن حديث المسيء صلاته نص في هذا المقام، والآية مطلقة في الركوع والسجود، وأمر بيانها موكول إلى رسول الله بقوله عز وجل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (٣).

ثم إن حديث المسيء صلاته أصح من الحديث الذي وردت به زيادة وما انتقصت من هذا فقد انتقصت صلاتك.

أضف إلى ذلك أنه قد أخرج الحاكم حديثا على شرط الشيخين وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أسوأ الناس سرقة، الذي يسرق من صلاته، قيل: وكيف


(١) أخرجه أبو داود في الصلاة، باب صلاة من لا يقيم صلبه وسكت عنه، جـ١ ص١٩٧.
(٢) الكاساني: بدائع الصنائع جـ١ ص٤٣٨ - ٤٣٩.
(٣) سورة النحل الآية ٤٤