للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الإحلال للزوج الأول، فلا يغير حكم الطلاق (١).

وبيان ذلك أن قوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (٢) قد جعل الزوج الثاني غاية للحرمة بقوله (حتى) التي هي للغاية، والحرمة لم توجد أصلا حتى تنهى، فلا إنهاء للحرمة قبل ثبوتها، إذ لا ثبوت إلا بعد الثلاث، فلا يكون منهيا قبلها، فصار كما لو أرجعها قبل التزوج، أو قبل إصابة الزوج الثاني، حيث تعود بما بقي من التطليقات (٣) ولا يلزم من كون الشيء غاية لشيء أن يكون غاية لما دونه (٤).

وأما حجة الفريق الثاني فهي أن الزوج الثاني مثبت للحل، فيثبت حلا يتسع لثلاث تطليقات، كما بعد الثلاث، لأن الوطء الثاني يهدم الطلقات الثلاث، فأولى أن يهدم ما دونها (٥).

ولقد رد ابن قدامة ذلك من وجهين:

أحدهما: منع كونه مثبتا للحل أصلا، وإنما هو في الطلاق الثلاث غاية للتحريم، بدليل قوله تعالى: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (٦) وحتى للغاية، وإنما سمى النبي - صلى الله عليه وسلم - الزوج الذي قصد الحلية محللا تجوزا، بدليل أنه لعنه، ومن أثبت حلا لا يستحق لعنا.

والثاني: إن الحل إنما يثبت في محل التحريم، وهي الملطقة ثلاثا وها هنا هي حلال له، فلا يثبت فيها حل، وقولهم: إنه يهدم الطلاق، قلنا بل هو غاية لتحريمه، وما دون الثلاث لا تحريم فيها، فلا يكون غاية له (٧).

ونوقش كون هذا الحكم غاية للتحريم، بأنهم قد عملوا بالنص،


(١) ابن قدامة: المغني جـ٧ ص٢٦١، النووي: المجموع جـ١٦ ص٢٨٧.
(٢) سورة البقرة الآية ٢٣٠
(٣) ابن الهمام: فتح القدير جـ٤ ص١٨٤.
(٤) الشريف التلمساني: مفتاح الوصول ص١٣٣.
(٥) ابن الهمام: فتح القدير جـ٤ ص١٨٥، ابن نجيم: فتح الغفار جـ١ ص٢٢.
(٦) سورة البقرة الآية ٢٣٠
(٧) ابن قدامة: المغني جـ٧ ص٢٦١.